وتقلد الخلافة سنة ( ٦٤ ه ) (١) بعد أن تنازل عنها رسميا معاوية ابن يزيد فارا بدينه عن حكم ورثه عن أبيه بغير حق ، لقد فر من ذلك الحكم الذي لم يقم إلا بحد السيف ، والتبذير بأموال المسلمين ، والنكاية بهم وقد فضح جده وأباه في خطابه الرائع الذي أعلن فيه استقالته من الحكم وقد جاء فيه :
« إن جدي معاوية نازع الأمر من كان أولى به لقرابته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقديمه وسابقته أعظم المهاجرين قدرا ، وأولهم إيمانا ، ابن عم رسول الله (ص) وزوج ابنته ، جعله لها بعلا باختياره لها ، وجعلها له زوجة باختيارها له ، فهما بقية رسول الله (ص) خاتم النبيين ، فركب جدي منه ما تعلمون ، وركبتم معه ما لا تجهلون (٢) الأمر فكان غير أهل لذلك ، وركب هواه ، وأخلفه الأمل ، وقصر عنه الأجل ، وصار في قبره بذنوبه ، وأسيرا بجرمه.
ثم بكى وقال : إن من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه ، وبئس منقلبه وقد قتل عترة رسول الله (ص) وأباح الحرم وخرب الكعبة » (٣).
وقد تهدم بذلك ملك آل أبي سفيان على يد معاوية بن يزيد الذي
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٣٢٨.
(٢) جواهر المطالب في مناقب الامام علي بن أبي طالب ( ص ١٣٣ ).
(٣) النجوم الزاهرة ١ / ١٦٤.