الف سجين لم يحبسوا في دين ولا تبعة (١) وكان يقول لاهل السجن : ( اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ ) (٢) شبههم بأهل النار ، وشبه نفسه بالخالق تعالى ، عتوا وتكبرا منه.
ومن طريف ما يذكر ان بعض القراء روى ان الحجاج قرأ في سورة هود ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) فلم يدر أهي عمل أم عمل ، فقال : ائتوني بقارئ ، فأتوا بي وقد قام من مجلسه فحبست ، ونسيني الحجاج حتى عرض السجن بعد ستة أشهر فلما ان انتهى إلي قال : فيم حبست؟ قلت : في ابن نوح أصلح الله الامير فضحك وأطلقني.
وأهلك الله هذا المجرم الخبيث الذي أغرق البلاد بالمحن والخطوب فقد أصابته الاكلة في بطنه ، وسلط الله عليه الزمهرير فكانت الكوانين تجعل حوله مملوءة نارا ، وتدنى منه حتى تحرق جلده ، وهو لا يحس بها وأخذت منه الآلام مأخذا عظيما فشكا ما هو فيه إلى الحسن البصري فقال له : قد كنت نهيتك أن تتعرض للصالحين ، فلججت ، فقال له : يا حسن لا أسألك أن تسأل الله أن يفرج عني ، ولكن أسألك أن تسأله أن يعجل قبض روحي ، ولا يطيل عذابي (٣) وظل الجلاد يعاني آلام الموت وشدة
__________________
(١) معجم البلدان ٥ / ٣٤٩.
(٢) تهذيب التهذيب ٢ / ٢١٢.
(٣) وفيات الاعيان ٦ / ٣٤٧.