له : كأني بك الآن قد أتيت المدينة فقمت في مجالسها ومحافلها وقلت : دعاني أمير المؤمنين فدخلت عليه فاقترح علي فغنيته ، وأطربته فشق ثيابه وفعل ، والله لئن تحركت شفتاك بشيء مما جرى فبلغني لأضربن عنقك ، ثم أعطاه ألف دينار فأخذها وانصرف إلى المدينة (١) وكثير من أمثال هذه الصور قد رواها المؤرخون وهي تدلل على خلاعة بني أمية واستهتارهم وإنهم قد انحرفوا عما ألزم به الاسلام من ترك حياة اللهو والعبث والمجون.
وكان من أعظم ما عاناه المسلمون من المشاكل والخطوب هي الأحاديث المفتعلة التي وضعها من لا حريجة له في الدين ، لتشويه الواقع المشرق للاسلام ، وصرف المسلمين عن أحكام دينهم ، وتعاليم نبيهم ، وكان أول من تجرأ على الله ورسوله ، وفتح باب الوضع والافتعال هو معاوية ابن أبي سفيان ، فقد عمد إلى ذلك لتركيز أهدافه السياسية فشكل لجانا لوضع الحديث على لسان الرسول الأعظم (ص) وقد ذاعت تلك الأحاديث بين الناس وحفظها الرواة وهم لا يعلمون زيفها وعدم صحتها ، ولو علموا ذلك لنبذوها وطرحوها وقد أشار المدائني إلى ذلك بقوله :
« وظهر حديث كثير موضوع ، وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة وكان أعظم الناس بلية في ذلك القراء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ، ويقربوا مجلسهم ، ويصيبوا الأموال والضياع والمنازل
__________________
(١) الاغاني ٣ / ٣٠٧.