والخطوب من الحكم الأموي ، وهي تعلن العصيان المسلح في ثورات رهيبة متلاحقة حتى قضت على جبروت ذلك الحكم ، وطغيانه ، وكان من أهم الثورات التي حدثت في عصر الامام أبي جعفر (ع) ما يلي :
وسماها المؤرخون بواقعة « الحرة » وهي أفجع حادثة في الاسلام بعد كارثة كربلا ، فقد انتهكت فيها جميع الحرمات ، واستباح الجيش الآثم نفوس المسلمين وأموالهم وأعراضهم ، أما سبب هذه الثورة فهو أن خيار المسلمين من بقايا الصحابة وأبنائهم رأوا في عهد يزيد جورا شاملا ، وسلطانا ظالما ، قد اقترف جميع الموبقات ، وقد انتهك حرمة رسول الله (ص) بإبادته لعترته ، وسبيه لذراريه ، فرأوا أن الخروج عليه واجب شرعي ، وقد أدلى بذلك أحد زعماء الثورة عبد الله بن حنظلة يقول : « والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء .. ان رجلا ينكح الأمهات والبنات ويشرب الخمر ويدع الصلاة والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا .. » (١).
ويقول المنذر بن الزبير أحد قادة الثورة : « إنه ـ أي يزيد ـ قد أجازني بمائة ألف ، ولا يمنعني ما صنع بي أن أخبركم خبره ، والله إنه ليشرب الخمر ، والله إنه ليسكر حتى يدع الصلاة » (٢).
وأجمع رأي أهل المدينة على خلع بيعة يزيد ، فطردوا حاكمهم وأخذوا
__________________
(١) طبقات ابن سعد.
(٢) الطبري ٤ / ٣٦٨.