يطاردون الأمويين ويراقبونهم وخاف الدنس مروان بن الحكم على نسائه من أهل المدينة فخف إلى عبد الله بن عمر ليحميها من الثوار ، فاعتذر ابن عمر ، ولم يجبه إلى شيء فخف إلى الامام زين العابدين (ع) فأجابه (ع) إلى ذلك وتناسى إساءة مروان لأهل البيت (ع) وقام (ع) بالانفاق عليها وهرب مروان من يثرب فزعا من الثوار (١) وبعث الطاغية يزيد ابن معاوية جيشا مكثفا إلى احتلال يثرب ، وقد أسند قيادته إلى أخطر مجرم لم يعرف التأريخ البشري له نظيرا في قسوته وجفائه وتمرده على الحق ، أما ذلك المجرم فهو مسلم بن عقبة الذي سماه المؤرخون بالمسرف وقد قال إلى يزيد : « والله لأدعن المدينة أسفلها أعلاها ».
وعهد إليه يزيد باحتلال المدينة وأن يبيحها إلى جيشه ثلاثة أيام يصنعون بأهلها ما شاءوا وما أحبوا.
وزحف المسرف الأثيم بجنوده إلى يثرب فاحتلها بعد معارك دامية لم يبد فيها أهل المدينة بسالة ولا صمودا ، وراح الجيش الآثم يمعن في قتل الأبرياء والأطفال والعجز ، وقد استباحوا كل ما حرمه الله ، وقد فقدت المدينة في هذه الواقعة ثمانين من أصحاب رسول الله (ص) حتى لم يبق بها بدري كما فقدت سبعمائة من قريش والأنصار ، وعشرة آلاف من سائر الناس (٢) ، وقد أخذ الطاغية البيعة من أهل المدينة على أنهم خول وعبيد ليزيد يصنع بهم ما أراد ، ومن أبى ضربت عنقه (٣) وجرت أحداث مروعة ومذهلة على أهل المدينة فلم يرع الجيش الأموي حرمة
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٣١١.
(٢) تأريخ الطبري ٧ / ٥ ـ ١٢.
(٣) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٢٣٢ أنساب الأشراف ٤ / ق ٢ / ٣٨.