المؤرخون في ذلك بروايتين :
الرواية الاولى إن الامام (ع) لما انتهى إلى دمشق ، وعلم هشام بقدومه أو عز إلى حاشيته إنه ان دخل عليه الامام قابلوه بمزيد من التوهين والتوبيخ عند ما ينتهي حديثه معه ، ودخل الامام (ع) على هشام فسلم على القوم ولم يسلم عليه بالخلافة ، فاستشاط غضبا ، وأقبل على الامام (ع) فقال له :
« يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ، ودعا إلى نفسه ، وزعم أنه الامام سفها وقلة علم .. ».
وسكت هشام فانبرى عملاؤه فجعلوا ينالون من الامام ويسخرون منه ووثب (ع) فقال :
« أيها الناس : أين تذهبون؟ وأين يراد بكم؟ بنا هدى الله أولكم وبنا يختم آخركم ، فان يكن لكم ملك معجل ، فان لنا ملكا مؤجلا ، وليس بعد ملكنا ملك ، لأنا أهل العاقبة ، والعاقبة للمتقين .. » (١).
وخرج (ع) وقد ملأ نفوسهم حزنا وأسى ، ولم يستطيعوا الرد على منطقه الفياض.
وازدحم أهل الشام على الامام. وهم يقولون : هذا ابن أبي تراب! وكانوا ينظرون إليه نظرة حقد وعداء ، فرأى (ع) أن يهديهم الى سواء السبيل ، ويعرفهم بحقيقة أهل البيت ، فقام فيهم خطيبا ، فحمد الله واثنى عليه ، وصلى على رسول الله (ص) ثم قال :
__________________
(١) بحار الانوار ١١ / ٧٥.