بالغا ، وأخذ يدنو إليه الموت سريعا ، وقد اتجه في ساعاته الأخيرة بمشاعره وعواطفه نحو الله تعالى ، فأخذ يقرأ القرآن الكريم ، ويستغفر الله ، وبينما لسانه مشغول بذكر الله إذ وافاه الاجل المحتوم فارتفعت روحه العظيمة إلى خالقها ، تلك الروح التي أضاءت الحياة الفكرية والعلمية في الاسلام والتي لم يخلق لها نظير في عصره.
وقد انطوت بموته أروع صفحة من صفحات الرسالة الاسلامية أمدت المجتمع الاسلامي بعناصر الوعي والتطور والازدهار.
وقام الامام الصادق عليهالسلام بتجهيز الجثمان المقدس فغسله وكفنه ، وهو يذرف أحر الدموع على فقد أبيه الذي ما أظلت مثله سماء الدنيا في عصره علما وفضلا وحريجة في الدين.
ونقل الجثمان العظيم من الحميمة (١) تحت هالة من التهليل والتكبير قد حفت به الجماهير ، والسعيد من الناس الذي يلمس نعش الامام ... وسارت مواكب التشييع ، وهي تعدد مناقب الامام أبي جعفر (ع) والطافه
__________________
(١) الحميمة : بضم الحاء المهملة ، وفتح الميم ، وسكون الياء ، وهي قرية خارج المدينة كانت لعلي بن العباس وأولاده أيام الحكم الأموي ، جاء ذلك في تأريخ الأئمة الاثنى عشر لابن طولون [ ص ٢٨١ ].