هو مالك بن أنس ، ولم أعلم (١) ومن طريف ما ينقل أن دحمان المغني شهد عند القاضي لرجل من أهل المدينة على عراقي فأجازه القاضي فقال له العراقي : إنه دحمان فقال القاضي : أعرفه ، ولو لم أعرفه لسألت عنه ، قال العراقي : إنه يغني ويعلم الجواري الغناء! قال القاضي : غفر الله لنا ولك ، وأينا لا يغني (٢).
وهكذا انتشر الغناء في يثرب التي هي عاصمة الاسلام ، ومما لا شك فيه أن ذلك كان بوحي من الحكومة الأموية وتشجيع منها لاسقاط هيبة المدينة التي هي عاصمة الرسول (ص).
وقد شجعت الحكومة الأموية الغناء ووهبت الأموال للمغنين وقد روى المؤرخون أنه وفد على يزيد بن عبد الملك معبد ، ومالك بن أبي السمح وابن عائشة ، فأمر لكل واحد منهم بألف دينار (٣) وتوسع الوليد بن يزيد في جوائز المغنين فأعطى معبدا أثني عشر ألف دينار كما استقدم جميع مغني الحجاز وأجازهم جوائز كثيرة (٤) وقد راجت هذه الحرفة وأقبل الناس عليها حينما رءوا ملوك بنى أمية قد قربوا المغنين ، ووهبوهم الثراء العريض ومن طريف ما ينقل ما رواه المؤرخون أن الوليد بن يزيد لما ولي الخلافة استدعى عطرد من المدينة ، وكان جميل الوجه ، حسن الغناء طيب الصوت فغناه ، فشق الوليد حلة وشي كانت عليه ، ورمى بنفسه في بركة خمر ، فما زال بها حتى أخرج كالميت سكرا فلما أفاق قال
__________________
(١) الاغاني ٤ / ٢٢٢.
(٢) الاغاني ٦ / ٢١.
(٣) الاغاني ٥ / ١٠٩.
(٤) الاغاني ٥ / ١٦١.