فأيقضها فلما رأت الهذية لم تعن بها ، وقالت : كان النوم أحب إلي (١).
وشاع استعمال الغناء في العصر الأموي ، وكانت يثرب قد عنت بالغناء ، وكان ذلك أمرا مقصودا من قبل الحكم الأموي وذلك لاسقاط مكانة يثرب في نفوس المسلمين.
ويقول أبو الفرج : إن الغناء في المدينة لا ينكره عالمهم ، ولا يدفعه عابدهم (٢) وكان فقيه المدينة مالك بن أنس له معرفة تامة بالغناء فقد روى حسين بن دحمان الأشقر قال : كنت بالمدينة فخلا لي الطريق وسط النهار فجعلت أغني :
ما بال أهلك يا
رباب |
|
خزرا كأنهم غضاب |
قال : فاذا خوخة قد فتحت ، وإذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء فقال : يا فاسق أسأت التأدية ، ومنعت القائلة ، وأذعت الفاحشة ، ثم اندفع يغني فظننت أن طويا قد نشر بعينه فقلت له : أصلحك الله من أين لك هذا الغناء؟ فقال : نشأت وأنا غلام حدث أتبع المغنين وآخذ عنهم ، فقالت لي أمي : يا بني إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه ، فدع الغناء واطلب الفقه فانه لا يضر معه قبح الوجه ، فتركت المغنين ، واتبعت الفقهاء ، فقلت له : فأعد جعلت فداك ، فقال لا ، ولا كرامة ، أتريد أن تقول : أخذته عن مالك بن أنس ، وإذا
__________________
(١) الأغاني ١٠ / ٥٧.
(٢) الأغاني ٣ / ٢٧٦.