يطلب فيها احضار الامام إلى دمشق ، والتلطف معه ، وعرض حاكم يثرب على الامام رسالة عبد الملك ، فاعتذر الامام (ع) عن السفر لأنه شيخ لا طاقة له على عناء السفر ولكنه أناب عنه ولده جعفر الصادق للقيام بهذه المهمة ، وسافر الامام الصادق إلى دمشق فلما حضر عند عبد الملك قال له : قد أعيانا هذا القدري ، وإني أحب أن أجمع بينك وبينه ، فانه لم يدع أحدا إلا خصمه ، وأمر باحضاره فلما حضر عنده أمره الامام بقراءة الفاتحة ، فبهر القدري ، وأخذ بقراءتها ، فلما بلغ قوله تعالى : « ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) » قال له الامام.
« من نستعين؟ وما حاجتك إلى المعرفة إن كان الأمر إليك ... »
وبان العجز على القدري ، ولم يطق جوابا (١) وواصل الامام حديثه في لبطال مزاعمه ورد شبهه.
وأوعز عبد الملك إلى عامله على يثرب باعتقال الامام (ع) وارساله إليه مخفورا ، وتردد عامله في اجابته ورأى أن من الحكمة اغلاق ما أمر به فأجابه بما يلي :
« ليس كتابي هذا خلافا عليك ، ولا ردا لأمرك ، ولكن رأيت أن أراجعك في الكتاب نصيحة وشفقة عليك ، فان الرجل الذي أردته ليس على وجه الأرض اليوم أعف منه ، ولا أزهد ، ولا أورع منه ، وانه ليقرأ في محرابه فيجتمع الطير والسباع إليه تعجبا لصوته ، وإن قراءته
__________________
(١) تفسير العياشي ١ / ٢٣.