ـ أكان جهميا؟
ـ نعم
ـ فأين أنت منه؟
ـ إنما كان أبو حنيفة مدرسا ، فما كان من قوله حسنا قبلناه وما كان من قوله قبيحا تركناه (١)
وقد سببت هذه التهمة الكثير من الطعون عليه ، وشنت عليه بعض الأوساط الحاكمة عدة حملات تشهير لاذعة ، ولكن لم يتبين لنا بصورة مؤكدة صحة هذه النسبة.
الخوارج من أقدم الفرق الثورية التي ظهرت على مسرح الحياة السياسية في الاسلام ، فقد نشأت حينما تفللت قوى معاوية وبان عليه الانكسار ، وهمّ بالهزيمة فالتجأ إلى رفع المصاحف مطالبا تحكيم القرآن ، وانخدعت هذه الزمرة التي لا تملك أي وعي سياسي أو اجتماعي بذلك فخفوا إلى الامام يلحون عليه أن يجيب إلى ما يحكم به الكتاب العظيم فعرفهم الامام أنها خديعة حربية ، وإن القوم لا يدينون بالكتاب ، ولا يرجون لله وقارا ، فلم ينصاعوا لرأيه ، وأجمعوا على خلعه أو إيقاف العمليات الحربية ، وشهروا سيوفهم في وجهه ، في حين أن طلائع جيشه بقيادة الزعيم الكبير مالك الأشتر قد أشرفت على الفتح ، ولم يبق لالقاء القبض على الذئب الجاهلي معاوية بن أبي سفيان سوى حلبة شاة أو أقل
__________________
(١) تأريخ بغداد ١٣ / ٣٧٥.