عليه لافحامه وفضيحته ، ونهض الامام أبو جعفر (ع) وأخذت أندية الشام تتحدث عن وفور فضله ، وقدراته العلمية.
وأمر الطاغية بمغادرة الامام أبي جعفر (ع) دمشق خوفا أن يفتتن الناس به ، ويتبلور الرأي العام ضد بني أمية ، وقد أوعز إلى أسواق المدن والمحلات التجارية الواقعة في الطريق أن تغلق محلاتها بوجهه ، ولا تبيع عليه أية بضاعة ، وقد أراد بذلك هلاك الامام (ع) والقضاء عليه ، وسارت قافلة الامام (ع) وقد أضناها الجوع والعطش فاجتازت على بعض المدن فبادر أهلها إلى اغلاق محلاتهم بوجه الامام ، ولما رأى الامام ذلك صعد على جبل هناك ، ورفع صوته قائلا :
« يا أهل المدينة الظالم أهلها أنا بقية الله ، يقول الله تعالى : بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ، وما أنا عليكم بحفيظ » وما أنهى الامام هذه الكلمات حتى بادر شيخ من شيوخ المدينة فنادى أهل قريته قائلا :
« يا قوم هذه والله دعوة شعيب ، والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم ، ومن تحت أرجلكم فصدقوني هذه المرة ، وأطيعوني ، وكذبوني فيما تستأنفون فاني ناصح لكم .. ».
وفزع أهل القرية فاستجابوا لدعوة الشيخ الذي نصحهم ، ففتحوا حوانيتهم واشترى الامام ما يريده من المتاع (١) وفسدت مكيدة الطاغية وما دبره للامام (ع) وقد انتهت إليه الأنباء بفشل مؤامرته ولم يقف عند هذا الحد فقد أخذ يبغي له الغوائل حتى دس إليه السم ، كما سنذكر ذلك في نهاية البحث عن الامام (ع) وبهذا ينتهي بنا المطاف عن الملوك الذين عاصرهم الامام أبو جعفر.
__________________
(١) المناقب ٤ / ٦٩٠ ، البحار ١١ / ٧٥.