اجتنبوا أهل الشقاق ، وذرية النفاق ، وحشو النار ، وحصب جهنم عن البدر الزاهر ، والبحر الزاخر ، والشهاب الثاقب ، وشهاب المؤمنين ، والصراط المستقيم ، من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو يلعنوا كما لعن أصحاب السبت ، وكان أمر الله مفعولا .... ثم قال بعد كلام له :
أبصنو رسول الله (ص) ـ يعني الامام امير المؤمنين ـ تستهزئون أم بيعسوب الدين تلمزون؟ وأي سبل بعده تسلكون؟ وأي حزن بعده تدفعون ، هيهات برز ـ والله ـ بالسبق وفاز بالخصل واستولى على الغاية ، واحرز على الختار (١) فانحسرت عنه الابصار ، وخضعت دونه الرقاب ، وفرع الذروة العليا ، فكذب من رام من نفسه السعي ، واعياه الطلب ، فانى لهم التناوش (٢) من مكان بعيد ، وأنشد :
اقلوا عليهم لا
أبا لأبيكم |
|
من اللوم أو
سدوا المكان الذي سدوا |
اولئك قوم إن
بنوا أحسنوا البنا |
|
وان عاهدوا
أوفوا وان عقدوا شدوا |
فأنى يسد ثلمة أخي رسول الله (ص) إذ شفعوا ، وشقيقه إذ نسبوا ونديده إذ قتلوا ، وذي قرنى كنزها إذ فتحوا ، ومصلي القبلتين إذ تحرفوا ، والمشهود له بالايمان إذ كفروا ، وللمدعي لبذ عهد المشركين إذ نكلوا والخليفة على المهاد ليلة الحصار إذ جزعوا ، والمستودع الاسرار ساعة الوداع .. » (٣).
__________________
(١) الختار : الغدر.
(٢) التناوش : التناول.
(٣) المناقب ٤ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.