الحكم معلّلا بقوله عليهالسلام « لأنّه دلّسها » فحكم برجوع الزوج على الذي زوّجها بعلّة تدليسه إيّاها ، أي ستر عيوبها عن زوجها ، فيمكن أن يقال بكون الحكم دائرا مدار هذه العلّة ، أي الرجوع دائر مدار التدليس والتغرير.
ولكن مع ذلك استظهار العموم منها لا يخلو عن إشكال ؛ لأنّ صرف سكوت المتولّي للتزويج من ذكر العيب الذي فيها يكون تغريرا موجبا للضمان بعيد جدا ، خصوصا إذا كان المتولّي للتزويج جاهلا بذلك العيب.
وسنذكر في الجهة الآتية أنّه لا فرق في مفاد القاعدة بين أن يكون الغارّ جاهلا يترتّب الضرر على الفعل الذي يفعله المغرور ، أو لا.
ومثل الروايات الواردة في رجوع المحكوم عليه إلى شاهد الزور لو رجع عن شهادته وكذّب نفسه.
منها : مرسل جميل ، عن أحدهما عليهالسلام : « إذا شهدوا على رجل ثمَّ رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل ، ضمنوا ما شهدوا به وغرموه ، وإن لم يكن قضى طرحت شهادتهم ولم يغرم الشهود شيئا » (١).
فهذه الرواية تدلّ على أنّ الخسارة التي وقعت على المحكوم عليه بواسطة تغرير الشهود يرجع فيها إليهم.
ومنها : حسن محمّد بن قيس ، عن الباقر عليهالسلام قال عليهالسلام قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل شهد عليه رجلان أنّه سرق فقطع يده حتّى إذا كان بعد ذلك جاء الشاهدان برجل آخر ، فقالا : هذا السارق وليس الذي قطعت يده ، إنّما اشتبهنا ذلك بهذا ، فقضى عليهما أن غرمهما نصف الدية ولم يجز شهادتهما على الآخر ». (٢)
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٨٣ ، باب من شهد ثمَّ رجع عن شهادته ، ح ١ ؛ « الفقيه » ج ٣ ، ص ٦١ ، باب شهادة الزور وما جاء فيها ، ح ٣٣٣٩ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٥٩ ، ح ٦٨٥ ، باب البينات ، ح ٩٠ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ٢٣٨ ، أبواب كتاب الشهادات ، باب ١٠ ، ح ١.
(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٨٤ ، باب من شهد ثمَّ رجع عن شهادته ، ح ٨ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٦١ ،