المفادين فلا يمكن جمعهما في استعمال واحد في مقام الجعل والتشريع.
الثاني : في مقام الإثبات والاستظهار من الأدلّة ، وأنّه بعد الفراغ عن إمكان جعل كبرى واحدة تشملهما ، هل هناك في أدلّة الباب دليل يدلّ على مثل هذا الجعل أم لا؟
أمّا المقام الأوّل : فالذي يقول بعدم إمكان الجمع بينهما في جعل واحد ، يقول بأنّ الشكّ في قاعدة التجاوز متعلّق بأصل وجود الشيء ، وفي قاعدة الفراغ بصحّة الموجود ، وأن الأوّل مفاد كان التامّة ، والثاني مفاد كان الناقصة. والتعبّد بوجود الشيء غير التعبّد بصحّة الموجود ؛ فلا يمكن الجمع بينهما في استعمال واحد ، إلاّ بناء على جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ، وهو محال.
أقول : لا يفيد في المقام القول بجواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ؛ لأنّه على فرض الجواز أيضا يكون المجعول أمرين مختلفين ، وهو خلاف المفروض في المقام ؛ لأنّ المفروض والمدّعى في المقام أن يكون المجعول معنى واحد جامعا بين مفادي قاعدة التجاوز ـ الذي هو التعبّد بوجود المشكوك ـ وقاعدة الفراغ الذي هو التعبّد بصحّة الموجود ، أعني تماميّة ما أوجده من دون وقوع خلل فيه.
فالمدّعى هو أنّ المجعول معنى واحد يكون مفاد كلتا القاعدتين ومضمونهما من ذلك المعنى الواحد ، فلو أمكن ذلك يكون من باب استعمال اللفظ في معنى واحد لا من باب استعماله في المتعدّد ، وإن لم يكن جعل ذلك المعنى الواحد الجامع بين المفادين فجواز استعمال اللفظ في المعاني المتعددة لا أثر له.
نعم أجاب شيخنا الأعظم الأنصاري قدسسره عن هذا الإشكال (١) بإمكان إرجاع قاعدة الفراغ أيضا إلى مفاد كان التامّة ، بأن يقال : إنّ التعبّد فيها أيضا يرجع إلى التعبّد بوجود الصحيح ، لا التعبّد بصحّة الموجود ، حتّى يكون مفاد كان الناقصة.
__________________
(١) « فرائد الأصول » ج ٢ ، ص ٧١٥.