وبعبارة أخرى : جعل الصحّة قيدا للموضوع لا للمحمول كي يكون المحمول هو الوجود المطلق ، فيكون مفاد كان التامة ، بأن يقال عند الشكّ في صحّة العمل الذي فرغ عنه ـ صلاة كان ذلك العمل أو حجّا أو غيره ـ : العمل الصحيح وجد.
والمناط في مفاد كون القضيّة مفاد كان التامّة أن يكون المحمول هو الوجود المطلق ، ولو لوحظ ألف قيد في جانب الموضوع. ومناط كونها مفاد كان الناقصة هو أن يكون المحمول هو الوجود المقيّد ، سواء أكان الموضوع مطلقا أو مقيّدا ، فالإطلاق والتقييد في جانب المحمول هو المناط في كون القضيّة مفاد كان التامّة أو الناقصة. وأمّا الإطلاق والتقييد في جانب الموضوع فلا أثر لهما أصلا ، فبناء على ما ذكره قدسسره تكون الكبرى المجعولة معنى واحدا ، وهو التعبّد بوجود الشيء.
وأورد عليه شيخنا الأستاذ قدسسره أوّلا : بأنّ التعبد بوجود الصحيح لا يثبت صحّة الموجود ، إلاّ بناء على القول بالأصل المثبت ، والأثر مترتّب على صحّة الموجود لا على وجود الصحيح.
إن قلت : يكفي في سقوط الأمر والامتثال التعبّد بوجود الصحيح.
قلت : على فرض كفايته في العبادات لا يكفي في المعاملات ؛ لأنّ الأثر فيها مترتّب على كون هذه المعاملة الموجودة في الخارج ـ بعد الفراغ عن كونها موجودة ـ صحيحة ، لا على وجود المعاملة الصحيحة. نعم لو قلنا بأنّ هاتين القاعدتين من الأمارات لا يبقى وجه لهذا الإشكال ؛ لأنّه حينئذ مثبتاتهما حجّة.
وثانيا : بأنّ متعلّق التجاوز الواردة في الأخبار في قاعدة الفراغ ذات الشيء ونفسه ، وفي قاعدة التجاوز محلّه ، ولا جامع بينهما. (١)
ولكن يمكن أن يجاب عن هذا الإشكال بأنّ التجاوز عن الشيء كما أنّه يصدق بالتجاوز عن نفسه وإتمامه والمضي عنه ، كذلك يصدق بالتجاوز عن محلّه الذي عيّن له
__________________
(١) « فوائد الأصول » ج ٤ ، ص ٦٢٠.