الشارع.
وأجاب شيخنا الأستاذ قدسسره عن هذا الإشكال بأنّ متعلّق التجاوز في قاعدة الفراغ أيضا محلّ الجزء المشكوك وجوده ، لأنّ الشكّ في صحّة العمل المركّب الذي صدر عنه بعد الفراغ عنه أيضا مسبّب عن وجود ذلك الجزء المشكوك الوجود في محلّه ، ومعلوم أنّ حصول هذا الشكّ المسبّبي إنّما يكون بعد التجاوز عن محلّ ذلك الجزء المشكوك الوجود (١).
ولكن أنت خبير بأنّ هذا الكلام معناه إرجاع قاعدة الفراغ إلى قاعدة التجاوز ، بل إنكار قاعدة الفراغ بالمرّة ، مضافا إلى أنّه يلزم الاستخدام في ضمير قوله عليهالسلام « إنّما الشكّ في شيء لم تجزه » (٢) إذ المراد بناء على هذا الجواب من « الشيء » نفس المركّب ، ومن الضمير في « لم تجزه » الراجع إلى « الشيء » الجزء المشكوك الوجود ، وهذا هو الاستخدام وهو خلاف الأصل والظاهر.
إن قلت : إن المراد من « الشيء » أيضا هو الجزء المشكوك.
قلت : فلا ينتج صحّة المركّب إلاّ على القول بالأصل المثبت.
وثالثا : بأنّ متعلّق الشكّ في قاعدة التجاوز هو الجزء ، وفي قاعدة الفراغ هو الكلّ ، ولا جامع بين الجزء والكلّ في عالم اللحاظ ؛ لأنّ لحاظ الجزء شيئا بحيال ذاته لا يكون إلاّ في الرتبة السابقة على المركّب والكلّ ، لأنّ النسبة بين الأجزاء والكلّ نسبة العلّية والمعلوليّة ، وللأجزاء تقدّم على الكلّ.
وبعبارة أخرى : شيئيّة الأجزاء مندكّة في شيئيّة الكلّ ، ففي مرتبة لحاظ الكلّ شيئا لا يمكن لحاظ الجزء شيئا ؛ لأنّه لا شيئيّة له في تلك المرتبة.
__________________
(١) « فوائد الأصول » ج ٤ ، ص ٦٢٣.
(٢) « تهذيب الأحكام » ج ١ ، ص ١٠١ ، ح ٢٦٢ ، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة ، ح ١١١ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١ ، ص ٣٣٠ ، أبواب الوضوء ، باب ٤٢ ، ح ٢.