بعد تلك الآية المتروكة ، وهكذا شرع في البيت الذي بعد ذلك البيت المتروك ، يقال : تجاوز من تلك الآية المتروكة ومن ذلك البيت المتروك ، كذلك لو ترك جزء من هذا المركّب المترتّب الأجزاء شرعا ودخل في الجزء الذي بعده ، يقال : إنّه تجاوز عن ذلك الجزء المتروك وتعدّى عنه.
وبناء على هذا الوجه أيضا لا ربط له بالمحلّ العادي ؛ لأنّ جريان العادة بإيجاد شيء في محلّ من دون أن يكون ترتّب تكويني أو تشريعي في البين ، لا يوجب صدق التجاوز بالنسبة إلى الجزء أو الكلّ المشكوك الوجود في ذلك المحلّ العادي.
هذا ، مضافا إلى أنّ تعميم القاعدة والقول بصدق التجاوز بالنسبة إلى المحلّ العادي مستلزم لتأسيس فقه جديد ، وهذا بنفسه محذور ، ولو لم يكن محذور آخر في البين. كيف وقد عرفت ما فيه ، وأنّ الشكّ في وجود جزء من أجزاء المركّب أو تمامه بعد التجاوز عن المحلّ الذي جرت العادة بإتيان ذلك الجزء ، أو ذلك الكلّ في ذلك المحلّ ، ليس مشمولا لقاعدة التجاوز في الجزء ، ولا لقاعدة الفراغ في الشكّ في الكلّ.
ثمَّ أنّه لو شكّ في الجزء الأخير من المركّب المترتّب الأجزاء كالتسليم في باب الصلاة ، فهل تجري قاعدة التجاوز أو الفراغ ، أو إحديهما ، أو لا يجري شيء منهما؟ احتمالات.
وتحقيق المقام : هو أنّ الجزء الأخير لا بدّ وأن يكون في المركّب المترتّب الأجزاء ، وإلاّ تكون الأجزاء عرضيّة ولا يبقي معنى للجزء الأخير حينئذ. وذلك المركّب المترتّب الأجزاء على قسمين ؛ لأنّه إمّا أن يعتبر الموالاة بين أجزائه أم لا.
فنقول : أمّا ما لم يعتبر الموالاة بين أجزائه كالغسل ، إذا شكّ في جزئه الأخير أي غسل الجانب الأيسر ، فجريان قاعدة التجاوز فيه لا وجه له أصلا ؛ لأنّه لم يتحقّق بالنسبة إليه تجاوز ، لا عن نفس وجوده لأنّ المفروض أنّه مشكوك الوجود ، ولا عن محلّه الشرعي لأنّ المفروض عدم اعتبار الموالاة فيه ؛ ففي أيّ وقت أتى به يكون في