الأجزاء بعد تجاوز المحلّ الشرعي ، فأجابه بأنّه « يمضي » إلى أن قال عليهالسلام : « يا زرارة إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء ».
فلا بدّ من أن نقول بأنّ المراد من الخروج عن الشيء في هذه الرواية والمضي والتجاوز في سائر الروايات ، هو الخروج عن محلّها الشرعي والمضي والتجاوز عنه ؛ لأنّ هذا المقدار هو الذي طبّق الإمام عليهالسلام ، وأمّا أكثر من هذا المقدار ـ أي المحلّ الشرعي كي يشمل المحلّ العادي ـ فلا تقتضيه دلالة الاقتضاء ، وليس لفظ « المحلّ » في البين حتّى نأخذ بعمومه.
وهنا وجه آخر لشمول التجاوز عن الشيء التجاوز عن المحلّ الشرعي ، وهو تنزيل التجاوز عن محلّه الشرعي الذي عيّن له الشارع ، كما في المركّبات المترتّبة الأجزاء منزلة التجاوز عن نفس الشيء ، وادّعاء أنّه هو ، كما ذهب إليه شيخنا الأستاذ (١) قدسسره ومعلوم أنّ مثل هذا التنزيل والادّعاء من طرف الشارع لا يكون إلاّ بالنسبة إلى المحلّ الشرعي الذي عيّن له هو ، وأمّا المحلّ العادي فأجنبي عن تنزيله.
ولكن التحقيق : في وجه عدم التعميم هو الوجه الأوّل الذي ذكرنا الشمول التجاوز عن الشيء التجاوز عن المحلّ الشرعي ، وهو أنّه لمفهوم التجاوز عن الشيء مصداقان : أحدهما التجاوز عن نفسه ، والثاني التجاوز عن محلّه الشرعي.
وبعبارة أخرى : التجاوز عن الشيء كما أنّه يتحقّق بإيجاد الشيء والفراغ عنه ، كذلك يتحقّق حقيقة لا ادّعاء بالتجاوز عن المحلّ الذي عيّن الشارع له في المركّبات المترتّبة الأجزاء.
والسرّ في ذلك : أنّ المهيّات المخترعة المترتّبة الأجزاء التدريجيّة الوجود في عالم التشريع ، مثل المهيّات التدريجيّة الوجود في عالم التكوين ، فكما أنّه لو ترك آية من سورة من سور القرآن ، أو شعر من أشعار قصيدة معيّنة معلومة وشرع في الآية التي
__________________
(١) « فوائد الأصول » ج ٤ ، ص ٦٢٧.