السهو والنسيان ، مثل الاضطرار وغيره ممّا يوجب سقوط الأمر بالمركّب التامّ الأجزاء والشرائط ، بحيث لو كانت الإعادة واجبة ويكون الإتيان بالتامّ الكامل لازما لا بدّ وأن يكون بصورة الأمر بالإعادة بقوله « أعد ».
وأمّا لو كان الأمر الأوّل المتعلّق بالمركّب التامّ الأجزاء والشرائط باقيا ولم يسقط ، فلا معنى لمجيء أمر جديد من قبل المولى يأمر بالإعادة. وقد عرفت أنّ مجرى حديث « لا تعاد » هو فيما إذا كان الأمر الأوّل ساقطا بواسطة السهو والنسيان والاضطرار وأمثال ذلك.
فالعامد إلى الإخلال ـ ولو كان من جهة الجهل بالحكم قصورا أو تقصيرا أو من جهة نسيان الحكم ـ حيث أنّ الأمر الأوّل لم يسقط عنه لأنّ الجهل بالحكم لا يوجب سقوط الأمر مطلقا ، قصورا كان أو تقصيرا أو نسيانا ، وذلك للإجماع على اشتراك التكاليف بين العالم والجاهل بها ، وبعضهم ادّعى تواتر الأخبار على ذلك ، ولا فرق في ذلك بين الجهل قصورا أو تقصيرا وإنّما الفرق بينهما في أنّ الجاهل المقصّر يستحقّ العقاب دون القاصر ـ فلا يكون له خطاب جديد بعنوان « أعد » بل المحرّك له نحو الإتيان بالمأمور به الكامل التّام الأجزاء والشرائط هو الأمر الباقي إلى زمان ارتفاع الجهل بكلا قسميه ، وأيضا إلى زمان ارتفاع نسيان الحكم وحصول العلم به.
فإذا كان معنى الحديث كما استظهرنا نفي الإعادة عن مورد لو لا هذا الحديث كان مخاطبا بالإعادة فلا يشمل مورد العمد مطلقا ، سواء كان عالما بالحكم ، أو جاهلا قصورا أو تقصيرا ، أو ناسيا للحكم ؛ لعدم الأمر بالإعادة في هذه الموارد ولو لم يكن هذا الحديث ، بل كان وجوب الإتيان بالتامّ بعد رفع الجهل بنفس الأمر الأوّل لبقائه وعدم سقوطه بواسطة الجهل ولو كان عن قصور أو كان بواسطة نسيان الحكم.
وبهذا البيان قال شيخنا الأستاذ قدسسره بعدم شمول الحديث للعامد الجاهل مطلقا (١).
__________________
(١) « كتاب الصلاة » ج ٢ ، ص ٤٠٦ ، رسالة في صحيحة لا تعاد.