ولكن أنت خبير بأنّ مفهوم الإعادة عبارة عن إيجاد الشيء بعد إيجاده ثانيا أو ثالثا ، وهكذا مقابل الإيجاد ابتداء من غير سبق إيجاده ، غاية الأمر أنّ الإعادة بالمعنى المذكور قد تكون إعادة بالدّقة بحيث يكون الوجود الثاني مثل الوجود الأوّل بالدّقة ـ وأمّا كون الوجود الثاني نفس الوجود الأوّل بالدقّة فمحال بالضرورة ـ وقد تكون إعادة عرفا ولو كان المعاد لا يكون على طبق الوجود الأوّل تماما وطابق النعل بالنعل.
وفي الإعادة عرفا قد يكون الوجود الأوّل مشتملا على زيادات ، وقد يكون بالعكس ، وقد يكون إعادة ادّعاء من حيث ترتيب الآثار.
وبناء على هذا ففي موارد الإخلال العمدي ـ من جهة الجهل بالحكم بكلا قسميه ، أو نسيانه ـ ولو كان لزوم الإتيان بالصلاة التامّ الأجزاء والشرائط بعد الالتفات إلى أنّه أخلّ بإتيانها كما هي من جهة ترك جزء أو شرط أو ارتكاب مانع يكون بالأمر الأوّل ، ولكن هذا الوجود التامّ حيث أنّه يكون بعد ذلك الوجود الناقص الذي أتى به يصدق عليه أنّه إعادة ، فلو لم يكن هذا الحديث كان مقتضى الأمر الأوّل الباقي أن يأتي به ويعيده تامّ الأجزاء ، ولكن هذا الحديث ينفي إعادته ثانيا تامّا ويقول بكفاية ذلك الناقص الذي أتى به.
فالإنصاف أنّه لا قصور في شمول الحديث لموارد الجهل والنسيان للحكم ، من جهة صدق الإعادة على الإتيان بها ثانيا تامّ الأجزاء والشرائط.
والشاهد على ما ذكرنا ورود لفظ « يعيد » في جملة من الأخبار مع عدم سقوط الأمر الأوّل.
منها : ما ورد فيمن أجهر في موضع الإخفات متعمّدا أو بالعكس كذلك « أنّه نقض صلاته وعليه الإعادة » (١).
__________________
(١) « الفقيه » ج ١ ، ص ٣٤٤ ، باب احكام السهو في الصلاة ، ح ١٠٠٣ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٢ ، ص ١٦٢ ، ح ٦٣٥ ، باب تفصيل ما تقدّم ذكره. ح ٩٣ ؛ « الاستبصار » ج ١ ، ص ٣١٣ ، ح ١١٦٣ ، باب وجوب الجهر بالقراءة ، ح ١ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٤ ، ص ٧٦٦ ، أبواب القراءة ، باب ٢٦ ، ح ١.