ومنها : قوله عليهالسلام فيمن صلّى أربعا في السفر « أنّه إن قرأ عليه آية التقصير وفسرت له فصلّى أربعا أعاد » (١).
والحاصل أنّ إنكار شمول حديث « لا تعاد » لموارد الإخلال العمدي الصادر عن الجهل بالحكم قصورا أو تقصيرا ، أو الناشئ عن نسيان الحكم استنادا إلى عدم صدق الإعادة على الإتيان بالصلاة التامّ لأنّه بالأمر الأوّل ، لا بخطاب « أعد » ممّا لا أساس له ولا يمكن الركون إليه.
نعم يمكن أن يستدلّ للمشهور بأنّ شمول الحديث للإخلال العمدي في مورد الجهل بالحكم ـ مطلقا ، قصورا أو تقصيرا ، وكذلك في مورد نسيان الحكم الذي هو أيضا عبارة عن الجهل بالحكم غاية الأمر جهل مسبوق بالعلم وإلاّ في حال النسيان لا شكّ في أنّه جهل ـ يرجع إلى إبطال الأدلّة الدالّة على أنّ ما عدا الخمسة من الأجزاء والشرائط والموانع أيضا لها دخل في الصلاة ، إمّا بوجودها كالأوّلين أي الجزء والشرط ، أو بعدمها كالموانع.
وذلك من جهة ما ذكرنا مرارا أنّ الأحكام الشرعيّة ـ وإن لم تكن لها إطلاق ـ يشمل حال الجهل بها ؛ وذلك لأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة ، لا تقابل السلب والإيجاب.
وقد شرحنا المسألة في باب المطلق والمقيّد في كتابنا « منتهى الأصول » (٢) فالدليل على عدم إمكان التقييد بقيد هو بنفسه دليل على عدم إمكان الإطلاق اللحاظي بالنسبة إلى ذلك القيد ، ولا شكّ في عدم إمكان تقييد الحكم بحال الجهل أو العلم به ؛ لأنّ هاتين الصفتين متأخّران عن الحكم المتعلّق بهما ، ومعنى التقييد بهما جعلهما جزءا
__________________
(١) « الفقيه » ج ١ ، ص ٤٣٥ ، باب الصلاة في السفر ، ح ١٢٦٥ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٣ ، ص ٢٢٦ ، ح ٥٧١ ، باب الصلاة في السفر ، ح ٨٠ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٥٣١ ، أبواب صلاة المسافر ، باب ١٧ ، ح ٤.
(٢) « منتهى الأصول » ج ١ ، ص ٤٦٨.