على هذا القرب المكاني ، فقد ورد أنّ عليّاً عليهالسلام أصاب منزلاً مستأخراً عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قليلاً ، فقال له صلىاللهعليهوآله : « إنّي أريد أن أحوّلك إليّ ». فحوّله بجنبه (١). ولم تنقطع العلاقة بهذه الأسرة يوماً ما ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا قدم من غزو أو سفر بدأ بالمسجد فصلى به ركعتين ثمّ يأتي فاطمة ، ثمّ يأتي أزواجه (٢). ومن الطبيعي أن يكون الحسن عليهالسلام قريباً من رسول الله صلىاللهعليهوآله ومصاحباً له في أغلب أوقاته ، ومن خلال هذا القرب وهذه المصاحبة أحاط الإمام الحسن عليهالسلام بالعلوم والمعارف والمفاهيم والقيم ، من طرق شتّى ، ويأتي التسديد الإلهي والإلهام في طليعتها ؛ باعتباره من الصفوة المختارة من قبل الله عزّوجلّ ، زيادة على التعلّم المباشر والاستماع إلى توجيهات رسول الله صلىاللهعليهوآله مباشرة ، وقد صرّح الإمام الحسن عليهالسلام بذلك وهذا واضح من خلال أقواله وتصريحاته ، فتارة يقول : « علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآله » ، وأخرى يقول : « سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله ».
ففي مجال الدعاء ورد عنه عليهالسلام أنّه قال : « علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآله كلمات أقولهنّ في الوتر : اللهمّ اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولّني فيمن تولّيت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شرّ ما قضيت ، فإنّك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذلّ من واليت ، تباركت ربّنا وتعاليت » (٣).
وفي مجال العبادة وما يتعلّق بها من مندوبات ورد عن عمير بن مأمون ، قال : « سمعت الحسن بن علي يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من صلى الغداة فجلس في مصلاّه حتى تطلع الشمس كان له حجاب من النار » (٤).
وفي المجال الاجتماعي والأخلاقي يجيب عليهالسلام عن تساؤلات البعض ، فقد ورد
__________________
(١) المنتظم في تاريخ الأمم والملوك / ابن الجوزي ٣ : ٨٧.
(٢) الاستيعاب / ابن عبد البر ٤ : ٣٧٦.
(٣) أسد الغابة ١ : ٤٨٨.
(٤) أسد الغابة ١ : ٤٨٩.