ورسول بالحقّ من الحقّ إلى الخلق قاطبة ـ كما ادّعاه صلىاللهعليهوآله ـ بلا ريبة ، فهو مبعوث من الله لتكميل عقول خلق الله ، وتهذيب نفوسهم من رئيسهم ومرءوسهم ، وتعليم الآداب والحكم لاستعداد الوصول إلى النعم بقدر القابليّة الإمكانيّة على وجه لا يمكن وقوع أكمل منه ؛ ولهذا صار خاتم النبيّين ، وتكون شريعته باقية إلى يوم الدين ، كما يستفاد من الكتب المنزّلة من الله الحقّ المبين ، ولا يرتاب فيه أهل التتبّع والإنصاف وإن اعترض أهل القصور والاعتساف ؛ إذ قد تبيّن الرشد من الغيّ (١) ، وامتاز الميّت من الحيّ ولقد حقّ القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون (٢) ، وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم (٣) ، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم (٤) ، قاتلهم الله أنّى يؤفكون. (٥)
[ ما ورد في التوراة من الآيات الدالّة على نبوّته صلىاللهعليهوآله ]
هذا كلّه مضافا إلى أنّه ورد في التوراة ـ في السفر الخامس ، في الفصل الثامن عشر في الپاراش الشوفطيم ، في الآية الخامسة عشرة إلى آخر الفصل ، البالغة إلى ثمان آيات من آيات التوراة ما يدلّ على نبوّة نبيّنا محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآله وحقّيّته وكفر منكره.
بيان ذلك : أنّ التوراة المنزّلة من السماء من الله تعالى خمسة أسفار ، ألحق بها ثلاثة وعشرون من كتب أنبياء بني إسرائيل ككتاب دانيال ، وحزقيل ، وحيقوق ، وأمثالهم ، وجزّأ بنو إسرائيل تلك الأسفار على وجه يتمّ قراءتها مرّة في كلّ سنة
__________________
(١) اقتباس من الآية ٢٥٦ من البقرة (٢).
(٢) اقتباس من الآية ٧ من يس (٣٦).
(٣) اقتباس من الآية ١٤ من النمل (٢٧).
(٤) اقتباس من الآية ١٤٦ من البقرة (٢).
(٥) اقتباس من الآية ٤ من المنافقون (٦٣).