انتهكت المحارم واكتسبت المآثم ، سلّط الأشرار على الأخيار ، فعند ذلك يغشّ الكذب ، ويتهافتون في اللباس ، ويمطرون في غير أوان المطر ، وينكرون الأمر بالمعروف في ذلك الزمان حتّى يكون المؤمن أذلّ الأمّة ، ويظهر قرّاؤهم فيما بينهم التلاوة والعداوة ، أولئك يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس الأنجاس ، فهناك يخشى الغني من الفقير أن يسأله ، ويسأل الناس في محافلهم فلا يضع أحد في يده شيئا ، فعندها يتكلّم من لم يكن متكلّما ، فلم يثبتوا هنالك إلاّ قليلا حتّى تخور الأرض خورة حتّى يظنّ كلّ نفس أنّها خارت في ناحيتهم ثمّ يمكثون ما شاء الله ، ثمّ يمكثون في مكثهم فتلقى لهم الأرض أفلاذ أكبادها ذهبا وفضّة ، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضّة » (١).
ومن ذلك في إخباره بالغيب : أنّه مسح بالتراب عن وجه عمّار بن ياسر يوم الخندق ، وقال : « تقتلك الفئة الباغية ». وقال لأبي ذرّ : « كيف أنت إذا طردت ونفيت وأخرجت إلى الربذة؟ ».
وقال : « تبنى مدينة بين دجلة والفرات وقطربل ، تجبى إليها خزائن الأرض ، يخسف بها ، يعني بغداد (٢) ».
ومن كراماته صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لمّا اشتدّ الأمر على المسلمين يوم الخندق ، صعد مسجد الفتح فصلّى ركعتين ، ثمّ قال : « اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد بعدها في الأرض » فجاءت الملائكة فقالت : يا رسول الله ، إنّ الله قد أمرنا بالطاعة لك فمرنا بما شئت ، فقال : « زعزعوا المشركين واطردوهم ، وكونوا من ورائهم ». ففعلوا ذلك ، فقال أبو سفيان لأصحابه : إن كنّا نقاتل أهل الأرض فلنا القدرة عليهم ، وإن كنّا نقاتل أهل السماء فلا طاقة لنا بأهل السماء (٣).
__________________
(١) « مشارق أنوار اليقين » : ٧٢ ـ ٧٣ : « تفسير الصافي » ٥ : ٢٥ ـ ٢٧.
(٢) « مشارق أنوار اليقين » : ٧٣ ـ ٧٤ : « بحار الأنوار » ١٨ : ١١٣ ، ح ١٨.
(٣) « مشارق أنوار اليقين » : ١٧٤.