وأمّا الصور فجنسيّة ونوعيّة وشخصيّة كلّها كينونات تلك الأشعّة سواء كانت موادّ نوريّة وموادّ عنصريّة ؛ لأنّ الموادّ العنصريّة من المواد النوريّة كالثلج من الماء ، فظهر أنّهم عليهمالسلام علّة مادّيّة وعلّة صوريّة وهو صلىاللهعليهوآله أيضا علّة غائيّة ؛ لأنّ الموجودات بأسرها إنّما خلقت لمصالحهم وشئونهم وجميع الخلق أنعامهم وغنمهم كما أشار الصادق عليهالسلام من قوله لعبيد بن زرارة : والذي فرّق بينكم هو داعيكم الذي استرعاه الله أمر غنمه ، فإن شاء فرّق بينها لتسلم ثمّ يجمع بينهما لتسلم ... (١) إلى آخره.
ومثله قوله عليهالسلام : « نحن صنائع الله ربّنا والخلق بعد صنائع لنا » (٢) على أحد التأويلين ، وهو أنّ الله سبحانه صنع لنا الخلق ، والوجه الثاني تقدّم. وأمّا الوجه المستشهد به هنا فيجري عليه تأويل قوله : ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ ) (٣).
وقوله سلّمه الله : « أم متعدّدة ». قد تقدّم جوابه أنّها متعدّدة في كلّ شيء بحسبه ، أمّا في الباطن فلأنّه صلىاللهعليهوآله كما أنّه رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى خلقه في تبليغ الشرائع والتأديبات الشرعيّة التكليفيّة دقيقها وجليلها ».
إلى أن قال : « وأمّا قوله : ما معنى هذا الاتّحاد والوحدة؟ فجوابه أنّ الاتّحاد إنّما يقال لشيئين قد تحقّقت بينهما الاثنينيّة فطرأ عليهما الاتّحاد ، والاتّحاد قد منع تحقّقه المحقّقون وأحاله المدقّقون ، فلا يقال : ما هذا الاتّحاد إلاّ مجازا ، أو المراد به على المجاز البساطة ، وليس المراد بالبساطة عدم الأجزاء وعدم تحقّق التشخّص ؛ لأنّ ذلك من صفات الأجسام والجسمانيّات ونفوسها المقارنة لها غير القدسيّة ، بل التعدّد متحقّق في أصل الخلقة إلاّ أنّه تعدّد كتعدّد الضوء من الضوء ، فإنّ السراج إذا
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) مرّ تخريج الحديث في الصفحة السابقة ، هامش (٢).
(٣) النحل (١٦) : ٨٠.