ذلك على قول المصوبة وغيرهم ».
قال الماتن بشرحه : « أقول : أكثر الناس على أن الصحابة كلهم عدول وقيل : هم كغيرهم فيهم العدل وغير العدل فيحتاج إلى التعديل ، وقيل : هم كغيرهم إلى ظهور الفتن أعني بين علي ومعاوية ، وأمّا بعدها فلا يقبل الداخلون فيها مطلقاً ، أي من الطرفين ، وذلك لأن الفاسق من الفريقين غير معيّن فكلاهما مجهول العدالة فلا يقبل. وأما الخارجون عنها فكغيرهم. وقالت المعتزلة : هم عدول إلا من علم أنه قاتل علياً فإنه مردود.
لنا ما يدلّ على عدالتهم من الآيات نحو قوله ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ) أي عدولاً ، وقوله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) وقوله : ( والذين معه أشدّاء على الكفار رحماء بينهم ).
ومن الحديث نحو قوله : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وقوله : خير القرون قرني ثم من بعدهم الأقرب فالأقرب. وقوله في حقهم : لو أنفق أحد مثل الأرض ذهباً لما نال مدّ أحدهم. ولنا أيضاً ما تحقق عنهم بالتواتر من الجد في أمتثالهم الأوامر والنواهي وبذلهم الأموال الأنفس ، وذلك ينافي عدم العدالة ، وأما ما ذكروه من الفتن فيحمل على الإجتهاد (١) ».
أقول :
فالماتن يقول هناك بعدالة الصحابة كلّهم ، ويستدل لهذا القول بنفس الأدلة التي يستدل بها أو نحوها في هذا الكتاب على « وجوب تعظيم الصحابة كلّهم والكف عن القدح فيهم » فلماذا غيّر العبارة من العدالة إلى هذا القول؟
لا يبعد عدوله عن ذلك الرأي ، ولأنّ غاية ما تدل عليه تلك الأدلة ـ إنْ تمت سنداً ودلالة ـ هو وجوب إكرامهم وإحترامهم وعدم إشاعة قوادحهم ومطاعنهم ، فيكون حالهم كحال غيرهم من المسلمين ، « فيهم العدل وغير
__________________
(١) شرح المختصر في الأصول ٢/٦٧.