العدل ، فيحتاج إلى التعديل ».
كما أنه يجوز ـ بل قد يجب ـ ذكر ما صدر منهم مما يوجب الفسق إذا احتيج إلى ذلك ... فضلاً عن حمل ذلك على الإجتهاد أو غيره من المحامل ... وهذا هوالقول الثاني من الأقوال المذكورة ، وهو الحق.
فظهر أن غاية مدلول ما استدل به في الكتاب كتاباً وسنةً ، هو المدح فلو فرض تمامية تلك الأدلة سنداً ودلالةً فإنها تكون مخصّصةً بالأدلة الدالة على جواز ـ وأحياناً وجوب ـ الذم والطعن والقدح والجرح ، لئلا يقتدي أحد بهكذا أناس في عقائده وأفعاله ، ولا يرتّب الأثر على رواياتهم وأقوالهم وشهاداتهم.
نعم حديث « أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم » الذي استدل به الماتن تبعاً لابن الحاجب يدل على عدالة الصحابة جميعاً وجواز الاقتداء بكل واحد منهم في أقواله وأفعاله ... لكنه حديث « باطل » ، « منكر » ، « موضوع » كما نص على ذلك كبار الأئمة والحفاظ أمثال : أحمد بن حنبل ، البزار ، ابن عدي ، الدار قطني ، ابن حزم ، البيهقي ، ابن عبدالبر ، ابن عساكر ، ابن الجوزي ، ابن دحية ، الذهبي ، الزين العراقي ، ابن حجر العسقلاني ، السخاوي ، السيوطي ، المتقي ، القاري ، ... *.
فالعجب من الماتن كيف استدل به هناك ، ولقد أحسن إذ لم يستدل به هنا؟!
وكيف يكون كلّهم عدولاً؟ وفي القرآن المجيد آيات بنفاق بعضهم ، وفي السنّة الصحيحة تصريح بأن أكثرهم يذادون عن الحوض يوم القيام؟ ومن تأمل في سيرتهم ووقف على أحوالهم في الكتب الموثوق بها وجد كثيراً منهم ( لما يدخل الايمان في قلوبهم ).
فكما أن فيهم أناساً ثبت « جدّهم في الدين وبذلهم أموالهم وأنفسهم في
__________________
* تجد كلمات هؤلاء وغيرهم في رسالتنا حول الحديث ، وهي مطبوعة في هذه المجموعة.