هو الأخذ بسياق الآية فقال بعد بيان ذلك : ( وبالجملة ، لا يخفى على من تأمّل في سياق الآية وكان له معرفة بأساليب الكلام أن ليس المراد بالولي فيها ما يقتضي الإمامة ، بل الموالاة والنصرة والمحبّة ).
وهذا الاعترض موجود في ( المواقف ) وهذه عبارته : « ولأنّ ذلك غير مناسب لما قبلها وهو قوله : ( يأ أيّها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ) وما بعدها وهو قوله : ( ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون ) قال الشارح : « فإنّ التولي ههنا بمعنى المحبة والنصرة دون التصرف ، فوجب أن يحمل ما بينهما على النصرة أيضاً ليتلائم أجزاء الكلام » (١).
ولكن يجاب عنه ـ بعد التسليم بقرينيّة السّياق مطلقاً ـ إنّ الآية التي ذكروها ليست قبل هذه الآية ، بل مفصولة عنها بآيات عديدة أجنبية عنها ، ولنذكر الآيات كلّها :
( يا أيها الذين أمنوا لا تنخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين * ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين * يا أيها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبّهم ويحبّونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم * إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون ).
__________________
(١) شرح المواقف ٨/٣٦٠.