المشكلة التي اضطربت فيها كلماتهم :
قال العيني : « اختلف العلماء فيمن هو أولى بالإمامة فقالت طائفة : الأفقه ، وقال آخرون : الأقرأ » فأجاب عن الإشكال بعدم التعارض : « لأنّه لا يكاد يوجد إذ ذاك قارئ إلاّ وهو فقيه : « وأجاب بعضهم بأنّ تقديم الأقرأ كان في صدر الإسلام » (١).
قال ابن حجر بشرح عنوان البخاري المذكور :
« هذه الترجمة منتزعة من حديث أخرجه مسلم من رواية أبي مسعود الأنصاري وقد نقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنّ شعبة كان يتوقّف في صحّة هذا الحديث. ولكن هو في الجملة يصلح للاحتجاج به عند البخاري. قيل : المراد به الأفقه. وقيل : هو على ظاهره.
وبحسب ذلك اختلف الفقهاء قال النووي قال أصحابنا : الأفقه مقدّم على الأقرأ ، ولهذا قدّم النبي أبابكر في الصلاة على الباقين ، مع أنّه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم نصَّ على أنّ غيره أقرأ منه ـ كأنّه عنى حديث : أقرؤكم أُبي ـ قال : وأجابوا عن الحديث بأنّ الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه ».
قال ابن حجر : « قلت : وهذا الجواب يلزم منه أنّ من نصّ النبي على أنّه أقرأ من أبي بكر كان أفقه من أبي بكر ، فيفسد الاحتجاج بأنّ تقديم أبي بكر كان لأنّه الأفقه ».
قال : « ثمّ قال النووي بعد ذلك : إنّ قوله في حديث أبي مسعود : فإنْ كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنّة ، فإن كانوا في السُنّة سواء فأقدمهم في الهجرة. يدلّ على تقديم الأقرأ مطلقاً. إنتهى ».
قال ابن حجر : « وهو واضح للمغايرة » (٢).
__________________
(١) عمدة القاري ٥/٢٠٣.
(٢) فتح الباري ٢/١٣٥.