ـ وببركة النسبة ـ يصيران شيئا واحدا ويعبّران عن معنى واحد ، فقولنا : ( مكّة المكرّمة ) وإن كانا بحسب التحليل مفهومين إلاّ أنّه وبواسطة وقوعهما في إطار جملة ناقصة أصبحا مفهوما واحدا أو قل مفهومين مفيدين لذات واحدة ، وكذلك الكلام في مثل : ( غلام زيد ) ، فإنّ معنى غلام بحسب التحليل مباين لمعنى زيد إلاّ أنهما وببركة النسبة المدلول عليها من الجملة الناقصة صار هذان المفهومان حاكيين عن ذات واحدة ، وهذا هو معنى أنّ النسبة المدلول عليها من الجملة الناقصة نسبة اندماجيّة.
وأمّا النسبة في الجمل التامّة فهي نسبة غير اندماجيّة إذ تبقى معها الألفاظ الاسميّة محتفظة باستقلاليّتها وحكايتها عن معانيها المتباينة ولا تكون النسبة مؤثّرة في تحويل هذه المفاهيم المتغايرة إلى مفهوم واحد ، نعم الذي تحدثه النسبة في الجمل التامّة هو الربط بين هذه المفاهيم دون أن يؤثّر هذا الربط في تحويلها إلى معنى واحد ، ومثال ذلك : « الصلاة واجبة » فإنّ هذه الجملة تامّة حمل فيها الوجوب على الصلاة فصارت الصلاة منتسبة إلى الوجوب وهذه النسبة نسبة تامّة ، والذي يكشف عن تماميّة هذه النسبة هو أنّ المفهومين المنتسبين فيها لم يندمجا بواسطة النسبة ولم يتحوّلا إلى معنى واحد ، بل بقي مفهوم الصلاة ومفهوم الوجوب على حالهما في إفادة كلّ منهما لمعناه ، وغاية ما حقّقته النسبة هو ربط الوجوب بالصلاة وثبوت الوجوب للصلاة.
وبهذا يتّضح ما هو السرّ فيما نجده من الفارق بين الجملة التامّة والجملة الناقصة.