ومن هنا لا تكون هذه المعاني موضوعة لصيغة الأمر ، وإنّما هي مستفادة من معرفة الداعي الذي دعى المتكلّم أن يستعمل صيغة الأمر في الجملة التامّة ، وهذا يعني أنها مستفادة من معرفة حال المتكلّم والذي هو منشأ المدلول التصديقي الثاني.
إذن فهذه المعاني ليست أكثر من دواع يبرزها المتكلّم عن طريق صيغة الأمر فتبقى محتفظة بمدلولها التصوّري مع اكتسابها معنى زائدا هو الطلب أو التعجيز أو التمنّي وهكذا.
هذا بناء على ما هو المعروف من أنّ الدلالة التصوّرية هي الدلالة الوضعيّة ، وأما بناء على مسلك التعهّد ـ النافي لكون الدلالة التصوّرية هي الدلالة الوضعية وأنّ الدلالة الوضعيّة إنما هي الدلالة التصديقيّة وأنها تكون في الجمل التامة ـ يكون المدلول الوضعي فيها هو المدلول الجدّي ، فهنا لا محالة تكون صيغة الأمر الواقعة في إطار الجملة التامّة موضوعة لمجموع هذه المعاني على نحو الاشتراك اللفظي ، وقد بيّنّا فيما سبق كيفيّة الوضع في الجملة التامّة بناء على مسلك التعهّد وأنها موضوعة للمدلول التصديقي الثاني فراجع.
الجهة الثانية : فيما هو الظاهر من صيغة الأمر في مرحلة المدلول التصديقي الثاني :
والظاهر من صيغة الأمر في هذه المرحلة هو الطلب ؛ وذلك لأن المدلول التصوّري لصيغة الأمر هو إما النسبة الطلبية أو النسبة الإرساليّة وكلاهما يقتضي أن تكون صيغة الأمر في مرحلة المدلول التصديقي الثاني هو الطلب دون غيره من الدواعي المذكورة.