الجهة الثانية : أنّ الشرط المعلّق عليه الجزاء هل يظهر منه أنه علة انحصاريّة للجزاء وأنه لا توجد علة أخرى للجزاء أو لا؟
فإن تم إثبات ظهور الشرط في العليّة الانحصارية ثبت أنّ للجملة الشرطية مفهوم.
وقد طرحت لإثبات ذلك محاولتان.
المحاولة الأولى : إنّ الدال على أنّ الشرط علّة منحصرة للجزاء هو أداة الشرط ، ومنشأ دلالتها على ذلك هو الوضع ، وإذا كان كذلك فاستعمال أداة الشرط في حالة كون الشرط علة غير منحصرة يعني أنه استعمال لها في غير ما وضعت له « الأداة » وهو يقتضي مجازيّة الاستعمال.
ومن هنا نشأ الإشكال على هذه الدعوى إذ أنّ الوجدان قاض بفسادها ، فالعرف لا يرى أيّ تسامح وتجوّز في استعمال أداة الشرط في مورد لا يكون فيه الشرط علّة منحصرة للجزاء مما يكشف عن عدم مجازية استعمال الأداة في حالات عدم كون الشرط علّة منحصرة.
المحاولة الثانية : ـ لإثبات أنّ الشرط علة منحصرة للجزاء ـ وهي أنّ إثبات العليّة الانحصاريّة للشرط تتم بثلاث دوال يشكلون بمجموعهم ظهورا في انحصار الجزاء بالشرط :
الدالّ الأول : هي أداة الشرط ومدلولها الوضعي هو التلازم بين الشرط والجزاء دون تحديد هويّة هذا التلازم ، فلو كنّا وهذا المقدار لما كان للجملة الشرطيّة أيّ دلالة على أكثر من كون الجزاء لازما للشرط ، أمّا أنّ هذا اللزوم هو لزوم علّي أو غير علّي وعلى فرض ثبوت العلّية فهل هي علّية انحصاريّة أو لا؟ فهذا خارج عن مفاد الأداة.