أمّا الحالة الثانية فالخبر فيها ساقط عن الاعتبار والحجيّة من غير فرق بين مبنى موضوعيّة الوثاقة أو طريقيّتها ؛ وذلك لأنّه إذا كان المبنى هو موضوعيّة وثاقة الراوي للحجيّة فهو مفروض العدم ، وإن كان المبنى هو طريقيّة وثاقة الراوي لموضوع الحجيّة ـ والذي هو الوثوق ـ فكذلك لا تكون مثل هذه الأخبار متوفّرة على موضوع الحجيّة ؛ إذ أنّه لا وثوق بعد أن لم يكن الراوي للخبر ثقة ولا أنّ الخبر محتفّ بما يوجب الوثوق بصدوره ، إذ أنّ الفرض في هذه الحالة هو تجرّد الخبر عن كل قرينة.
وأمّا الحالة الأولى فتارة تكون القرائن المحتفّة بالخبر موجبة للاطمئنان الشخصي بالخبر من قبل المطّلع عليها وعلى الخبر ، وهنا تثبت الحجيّة للخبر بواسطة الاطمئنان ، وذلك لحجيّة الاطمئنان كما ثبت في محلّه.
وتارة لا تحقق القرائن اطمئنانا شخصيا للمطلع عليها ، وفي حالة من هذا القبيل تكون الحجيّة منوطة بما هو المبنى في موضوع الحجيّة لخبر الثقة ، فإن كان البناء هو أنّ موضوع الحجيّة هو وثاقة الراوي على نحو يكون هو المناط الوحيد في ترتّب الحجيّة بحيث لا يعتبر معها شيء آخر ـ وهذا ما يعبّر عنه بأخذ الوثاقة في الحجيّة بنحو الموضوعيّة ـ فهذا يقتضي عدم حجيّة الخبر الذي لا يكون راويه ثقة وإن كان الخبر مشتملا على ما يوجب الوثوق النوعي بصدوره ؛ إذ أنّ ذلك لا يكفي في ثبوت الحجيّة لمثل هذا الخبر بعد افتراض انتفاء موضوعها.
وإن كان البناء هو أن موضوع الحجيّة هو الوثاقة والوثوق معا بحيث يكون المعتبر في ترتّب الحجيّة على الخبر هو وثاقة الراوي وفعليّة الوثوق.