المعنى الموضوع له اللفظ كما لو دلّت القرينة الحاليّة للمتكلم على ذلك.
فلو قال المتكلّم مثلا « رأيت أسدا » وعلمنا بواسطة القرينة الحاليّة إرادة المتكلّم للرجل الشجاع. فهنا لم يتطابق الظهور في المعنى الوضعي التصوري مع المراد الجدي للمتكلم.
الحالة الثالثة : أن تكون للدليل دلالة تصوّريّة إلاّ أنه لم ينعقد ظهور لحال المتكلم في إرادة ذلك المدلول التصوري كما لو قال المتكلم « رأيت أسدا » ولم يعلم أنّ المتكلّم كان ملتفتا أو ذاهلا واتفق عدم وجود وسيلة لتعيين أحد الاحتمالين ، فهنا لا ينعقد الظهور التصديقي رغم انعقاد الظهور التصوري.
والحالة الأولى لا إشكال في ثبوت الحجيّة لمدلول الدليل فيها وذلك لحجيّة الظهور كما سيتّضح فيما بعد.
والحالة الثانية تثبت الحجيّة لمدلول الدليل ، إلاّ أنّها إنما تثبت للظهور في المدلول التصديقي دون الظهور في المدلول التصوري ، إذ أنّ الظهور الذي دلّ الدليل على حجيّته هو الظهور المعيّن للمراد وهو إنّما يناسب المدلول التصديقي إذ هو المعيّن للمراد.
وبهذا يتّضح عدم حجيّة الدليل في الحالة الثالثة ؛ إذ لا تعيين فيه للمراد بعد أن كان الظهور في خصوص المدلول التصوري الوضعي.
وكيف كان فالحجيّة الثابتة للظهور لم تنشأ عن إفادته للعلم بمطابقة المستفاد من الدليل مع المراد الجدّي للمتكلّم ؛ إذ أنّ الظهور ـ كما اتّضح ـ لا يولّد العلم.
ومن هنا نحتاج لإثبات الحجيّة للظهور إلى دليل شرعي وهذا ما سيتمّ بحثه.