وقع بين أصحابنا في بعض خصوصيات المسألة إلاّ أن نجاسته في الجملة لعلها كانت مفروغاً عنها عند الرواة ، ولذا تراهم يسألون في رواياتهم عن أحكامه من غير تقييده بشيء ولا تخصيصه بخصوصية ، وكذا أجوبتهم عليهمالسلام فإنهم لم يقيدوا الحكم بنجاسته بفرد دون فرد ، وهذا كما في صحيحة ابن بزيع قال : « كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة ونحوها ما الذي يطهّرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة؟ فوقّع عليهالسلام بخطه في كتابي : ينزح منها دلاء » (١) وموثقة (٢) أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إن أصاب ثوب الرجل الدم فصلى فيه وهو لا يعلم فلا إعادة عليه ، وإن هو علم قبل أن يصلّي فنسي وصلّى فيه فعليه الإعادة » (٣) وغيرهما من الأخبار.
والأمر بالنزح في صحيحة ابن بزيع وإن كان استحبابياً لا محالة إلاّ أن السؤال عن تأثير مطلق الدم في البئر مستند إلى ارتكاز نجاسته ، إذ لو لا مغروسيتها في أذهانهم لم يكن وجه للسؤال عن حكمه ، وقد كانوا يسألونهم عن بعض مصاديقه غير الظاهرة كدم البراغيث ونحوه (٤) فهذا كله يدلنا على أن نجاسة طبيعي الدم كانت مفروغاً عنها بينهم ، فان النجس لو كان هو بعض أقسامه كان عليهم التقييد في مقام السؤال وقد عرفت أنه لا عين ولا أثر منه في الأخبار المتقدِّمة.
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٦ / أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٢١.
(٢) هذا ولكن الصحيح أن الرواية ضعيفة لأن في سندها ابن سنان ، والظاهر أنه محمد بن سنان الزاهري بقرينة رواية الحسين بن سعيد عنه ، ولا أقل من تردده بين محمد بن سنان وبين عبد الله ابن سنان. والمظنون وإن كان وثاقة الرجل وقد كنّا نعتمد على رواياته سابقاً إلاّ أن الجزم بها في نهاية الإشكال ، ومن هنا بنينا أخيراً على عدم وثاقته فلا يمكن الركون على رواياته حينئذ.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٧٦ / أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ٧.
(٤) ففي صحيحة الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه؟ قال : لا ، وإن كثر » الوسائل ٣ : ٤٣١ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٧ ، وص ٤٣٦ ب ٢٣ ح ٤.