بالاختلاف. وأما إذا كان التكليف واحداً متعلقاً بعمل ذي أجزاء وشروط وجودية أو عدمية ، ودار الأمر فيه بين ترك جزء أو جزء آخر أو بين شرط وشرط آخر أو الإتيان بمانع أو بمانع آخر ، فلا تأتي فيه كبرى التزاحم بل هو في مثله أمر غير معقول وذلك فان المركب من جزء وشرط فعل واحد ارتباطي ، بمعنى أن ما دلّ على وجوب كل واحد من الأجزاء والشرائط إرشاد إلى جزئية الجزء أو شرطية الشرط ومعناهما أنّ الركوع مثلاً واجب مقيداً بما إذا تعقبه السجود وهما واجبان مقيدان بتعقب الجزء الثالث ، وجمعها واجب مقيد بتعقبه بالجزء الرابع وهكذا إلى آخر الأجزاء والشرائط ومعه إذا لم يتمكّن المكلّف من جزئين أو شرطين منها معاً سقط عنه الأمر المتعلق بالمركّب لتعذر جزئه أو شرطه ، فان التكليف ارتباطي ووجوب كل من الأجزاء والشرائط مقيد بوجود الآخر كما مرّ.
نعم الدليل القطعي قام في خصوص الصلاة على وجوب الإتيان بما تمكن المكلف من أجزائها وشرائطها ، وأنه إذا تعذرت منها مرتبة تعينت مرتبة اخرى من مراتبها وذلك للإجماع القطعي والقاعدة المتصيدة من أن الصلاة لا تسقط بحال المستفادة مما ورد في المستحاضة من أنها لا تدع الصلاة على حال (١) للقطع بعدم خصوصية للمستحاضة في ذلك ، إلاّ أنه تكليف جديد وهذا الأمر الجديد إما أنه تعلق بالأجزاء المقيّدة بالاستقبال مثلاً أو بالمقيّدة بالاستقرار والطمأنينة ، فيما إذا دار أمر المكلف بين الصلاة إلى القبلة فاقدة للاستقرار وبين الصلاة معه إلى غير القبلة ، للقطع بعدم وجوبهما معاً فوجوب كل منهما يكذّب وجوب الآخر ، وهذا هو التعارض كما عرفت فلا بد حينئذ من ملاحظة أدلّة ذينك الجزئين أو الشرطين فان كان دليل أحدهما لفظياً دون الآخر فيتقدّم ما كان دليله كذلك على غيره بإطلاقه ، فإنّ الأدلّة اللبية يقتصر فيها على المقدار المتيقن.
وإذا كان كلاهما لفظياً وكانت دلالة أحدهما بالعموم ودلالة الآخر بالإطلاق فما كانت دلالته بالعموم يتقدّم على ما دلالته بالإطلاق ، لأنّ العموم يصلح أن يكون
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.