المناقشة في كلام المشهور
ويمكن أن يقال إن الحكم بوجوب الغسل للانقطاع وإن كان هو المشهور إلاّ أنه مورد المناقشة في المتوسطة ، وذلك لقصور المقتضي ، حيث إن غاية ما تدلّ عليه الأخبار الواردة في المقام أن حدوث المتوسطة موجب للغسل الواحد في حقها ، والمفروض إنها أتت بوظيفتها واغتسلت ، وأمّا أنها إذا انقطعت ثم عادت أيضاً موجبة للحدث والاغتسال فهو محتاج إلى الدليل ولا يكاد يستفاد من الأخبار ، وبعبارة اخرى إن حدوث دم الاستحاضة المتوسطة هو الذي يستفاد من الأخبار كونه موجباً للاغتسال دون بقائه.
وعليه لا يمكن الاستدلال على وجوب الغسل للانقطاع بالإطلاقات ، كما لا مجال للتشبث بالصحيحة المتقدمة ، لأنها أجنبية عما نحن فيه ، حيث إنها تدل على أن طروء دم الاستحاضة وحدوثه فيما بينها وبين المغرب موجب للاغتسال في حقها. وأمّا أنه إذا انقطع ثم عاد أيضاً موجب للاغتسال فهي أجنبية عن ذلك رأساً.
وعليه ففي الاستحاضة المتوسطة إذا اغتسلت وصلّت ثم عاد دمها لا يجب عليها الغسل للانقطاع لأنه بلا موجب ، حيث إنها أتت بما هو وظيفة المستحاضة المتوسطة أعني الغسل الواحد ليومها وليلتها ، فلا يجب عليها الغسل ثانياً للانقطاع. كيف فلو لم ينقطع دمها لم يجب عليها غسل آخر ، فكيف بما إذا انقطع ثم عاد.
نعم ، يجب عليها بعد عود دمها أن تتوضأ للصلوات الآتية ، لإطلاق ما دلّ على أن المستحاضة المتوسطة يجب عليها الوضوء لكل صلاة ، وبما أنها رأت الدم بصفة المتوسطة فهي مستحاضة متوسطة يجب عليها الوضوء للصلوات الآتية ، هذا كله في المتوسطة.
بل يمكن أن يقال إن الأمر في الكثيرة أيضاً كذلك بالإضافة إلى الصلاة الثانية فيما إذا أرادت أن تجمع بين الصلاتين فاغتسلت وصلّت إحداهما ثم عاد الدم ، فلا يجب عليها أن تغتسل للثانية ، وذلك لإطلاق ما دلّ على كفاية الغسل الواحد في الكثيرة لصلاتين (١) ، والمفروض أنها اغتسلت فيكفيها ذلك الغسل بالإضافة لهما.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧١ / أبواب الاستحاضة ب ١.