يكون مندوباً ، كما تعرّضنا له في المستحاضة القليلة وأوضحنا حكم الواجب (١) وبقي حكم المندوب منه ، ويظهر إن شاء الله أن حكم المسّ المندوب في الاستحاضة القليلة وغيرها على حد سواء.
أمّا المسّ الواجب كما إذا كان المصحف في مكان موجب لهتكه فيجب مسه لرفعه عن ذلك المكان ، فمقتضى الأدلّة التي دلت على اشتراط المسّ بالطهارة والعمدة فيه قوله تعالى ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) (٢) بضميمة ما ورد في تفسيرها (٣) ، لأنها بنفسها لا تدلّ على ذلك ، لأنه من المحتمل بل الظاهر من ( الْمُطَهَّرُونَ ) هو مَن طهّرهم الله سبحانه كما في قوله تعالى ( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٤) ، والمراد بالمس فهم الكتاب ودرك حقائقه دون المسّ الظاهري لكتابته ، إلاّ أن الرواية فسّرتها بالمس الظاهري ، وأيضاً دلّت عليه صحيحة أو موثقة أبي بصير قال « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عمّن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء ( طهر ) ، قال : لا بأس ولا يمس الكتاب » (٥) عدم جواز المسّ للمستحاضة وغيرها ممّن لا طهارة له ، ومقتضى دليل وجوب المسّ وجوبها على المستحاضة ، والجمع بينهما يقتضي الحكم بوجوب الوضوء والمسّ على المستحاضة إذا لم يكن بقاء المصحف في مدة التوضؤ مستلزماً للهتك ، وإلاّ فتمسه من دون وضوء.
وأمّا المسّ المندوب فمقتضى أدلّة اشتراط المسّ بالطهارة عدم جوازه على المستحاضة كما عرفت ، ولا دليل على كفاية وضوئها أو غسلها في الطهارة بالإضافة إلى المسّ المستحب ، ومن هنا لا بد من أن تتوضأ للصلاة الأُخرى أو تغتسل لها كما في الكثيرة.
__________________
(١) راجع ص ١٣١.
(٢) الواقعة ٥٦ : ٧٩.
(٣) الوسائل ١ : ٣٨٤ ، ٣٨٥ / أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٣ ، ٥.
(٤) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.
(٥) الوسائل ١ : ٣٨٣ / أبواب الوضوء ب ١٢ ح ١.