دلالة في شيء من الأخبار على أن أحكام الحيض مترتبة على النّفاس ، ومنها اعتبار تخلل أقل الطّهر بين النفاسين بل بين الحيض والنّفاس ، لأنّهما موضوعان متغايران لدى العرف والمتشرعة ولكل منهما أحكام خاصّة لا يقاس أحدهما بالآخر.
وأمّا صحيحة ابن المغيرة فهي وإن دلّت على اعتبار التخلّل بأقلّ الطّهر بين النّفاس والدم المتأخر عنه ونلتزم به في المتأخِّر لدلالة الدليل ، إلاّ أنها لا تدلّ على اعتبار ذلك في الدم المتقدِّم على الولادة ، وإسراء حكم المتأخر إلى المتقدِّم قياس ، ولم يقم إجماع على اتحادهما ، فدعوى عدم القول بالفصل ساقطة جزماً.
وأمّا النصوص التي عمدتها موثقة عمار فهي أخص من المدعى ، لاختصاصها بأيام الطلق أي أيام أخذ الوجع بالمرأة للولادة ، وقد دلت على أن الدم المرئي في تلك الأيام ليس بحيض ، والقرينة قائمة على أن الدم حينئذ مقدمة للولادة وليس حيضاً ، وأين هذا من محل الكلام وهو الدم المرئي قبل طلقها وقبل تخلل أقل الطّهر بينه وبين النّفاس.
فعلى ذلك نفصّل في الدم المرئي قبل الولادة بين أيام الطلق وغيرها ، ونحكم بعدم الحيضية في أيام الطلق للنصوص ، ونحكم بالحيضية في غيرها لقاعدة الإمكان القياسي.
ثم إنه أولى بالحكم بالحيضيّة ما إذا رأت الدم في أيام عادتها ثم انقطع ثم نفست ، فإنه محكوم بالحيضية وإن لم يكن واجداً للصفات ، لما دلّ على أن ما تراه المرأة من الدم في أيام عادتها فهو حيض (١).
وأولى من ذلك ما إذا كان مجموع الدم المرئي قبل النّفاس والنقاء بعده والدم في النّفاس غير زائد على العشرة ، كما إذا رأت الدم ثلاثة أيام بصفة الحيض ثم انقطع يوماً ثم ولدت ونفست خمسة أيام ، وذلك لأنه دم واحد ، والنقاء المتخلل بينه أيضاً بحكم الحيض حتى بناء على اعتبار تخلل أقل الطّهر بين الحيض والنّفاس ، لاختصاص ذلك بصورة تعدّد الدمين ، وأمّا الدم الواحد كمثالنا فلا يعتبر فيه ذلك ، بل النقاء في أثنائه
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٧٨ / أبواب الحيض ب ٤.