الابتداء ، فبأي وجه تحكمون على السقط بالنجاسة حينئذ ، لعدم كونه ميتة على الفرض ، مع أن نجاسته ممّا لا خلاف فيه.
إلاّ أنّا قدّمنا في مبحث النجاسات (١) أن موضوع الحكم بالنجاسة لا يختص بالميتة لأنّ الجيفة أيضاً نجسة ، فالموضوع أعم من الميتة ، لما في بعض الأخبار من النهي عن التوضؤ بالماء الّذي تغيرت ريحه بريح الجيف (٢). ولا إشكال في أنّ السقط قبل ولوج الروح فيه يصدق عليه الجيفة ، بل هو من أظهر مصاديقها ، فهو نجس من هذه الجهة.
وأمّا الاستدلال على نجاسته بأنّه من القطعات المبانة من الحي والقطعة المبانة بحكم الميتة ونجسة ،
فمندفع بأنّ الظاهر من القطعة المبانة كون الشيء المبان قبل أن يبان جزءاً من الحيوان ، ومن الظاهر أنّ السقط والولد ليسا جزءاً من الأُم ، لأن حالهما حال البيضة في بطن الدجاجة ، فالبطن وعاء للسقط ليس هو جزءاً من بدن الام ، فلا يصدق عليه عنوان القطعة المبانة من الحي.
على أنّه لو كان من القطعات المبانة من الحي لزم الالتزام بوجوب غسل المسّ بمسّه بناءً على ما هو المشهور من أنّ القطعة المبانة من الحي إذا كانت مشتملة على العظم وجب الغسل بمسّه ، والسقط قبل تمام أربعة أشهر مشتمل على العظم ، والمفروض أنّا لا نلتزم بوجوب الغسل بمسّه.
ويؤيّد ما ذكرناه اتفاقهم على نجاسة الجنين كما تقدم ، لأنّه يؤكّد كون الموضوع في الحكم بالنجاسة أعم من الميتة كما مرّ.
وأمّا ما استدلّ به المحقق الهمداني (٣) قدسسره على نجاسة السقط حينئذ بالأخبار الدالّة على أن ذكاة الجنين ذكاة أُمّه (٤) ، بتقريب أنّها تدل على أنّ الجنين قابل للتذكية وأنّه مذكّى عند تذكية امّه ، فإذا لم تقع عليه التذكية ولم يذك امّه فهو ميتة ، إذ
__________________
(١) في شرح العروة ٢ : ٤٦٠.
(٢) الوسائل ١ : ١٣٧ / أبواب الماء المطلق ب ٣.
(٣) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٥٣٨ السطر ٢٧.
(٤) الوسائل ٢٤ : ٣٣ / أبواب الذبائح ب ١٨.