واحد من أجزائه إلاّ أن موضوع الحكم في المقام إنّما هو مسّ الميِّت كما تقدّم ، ولا يصدق ذلك بمس جزء من أجزاء الميِّت ، لأنّه ليس مسّاً للميت وإنّما هو مسّ جزء منه.
ولا يقاس المقام بمثل ما دلّ على نجاسة الكلب الّذي قلنا إنّه ينحل إلى نجاسة كل جزء من أجزائه ، لأن مقتضى الارتكاز والفهم العرفي في مثله أنّ الكلب أُخذ عنواناً مشيراً إلى حقيقته ، وهي ليست إلاّ شعره ورجله ويده ولو منفصلة ، لعدم اعتبار الهيئة الاتصالية في الحكم بالنجاسة بالارتكاز.
وبعبارة اخرى : الحكم رتب على الكلب لا بما إنّه كلب ليقال إنّه غير صادق على يده أو رجله مثلاً ، والسر في ذلك واضح ، للقطع بأن تقطيع الكلب ليس مطهراً له بدعوى أن يده ليست بكلب فطاهرة وهكذا شعره ورجله ، فالهيئة الاتصالية غير دخيلة في الحكم بنجاسته.
إذن فالحكم ينحل إلى أجزاء الكلب متصلة كانت أم منفصلة ، فإذا قيل الكلب نجس فيفهم منه أن شعره وبقية أعضائه نجسة ولو كانت منفصلة ، لأنّه ليس إلاّ هي.
وهذا بخلاف المقام ، لأنّ الموضوع فيه بحسب النص هو مسّ الميِّت ، وهو لا يصدق بمس جزء من أجزائه.
وأمّا الثاني فلأنه من الاستصحابات التعليقية ، لتوقف الحكم بوجوب الغسل حال كون الجزء متصلاً على مسّه وأنّه لو مسّها وجب الغسل ، وهو حكم تعليقي ، فلا حكم فعلي في البين ، وقد بنينا في محلِّه على عدم جريان الاستصحاب في التعليقيات (١).
على أنّا لو قلنا بجريانها فالموضوع غير باق ، لأنّه كما عرفت عبارة عن مسّ الميِّت ، وقد كان مسّ القطعة حال اتصالها من مسّ الميِّت بلا كلام ، وهذا بخلاف ما إذا كانت منفصلة ، إذ لا يصدق مسّ الميِّت على مسّها ، واتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة فيها ممّا لا بدّ منه في جريان الاستصحاب كما هو ظاهر.
وأمّا الوجه الثالث فلأنه لو لم يصدق على مسّ تمام القطعات من الميِّت المتقطع
__________________
(١) راجع مصباح الأُصول ٣ : ١٣٤ التنبيه السّادس.