عندهم ، لاشتمالها على التفصيل بين تجاوز السنة على العظم فلا يجب ، وبين عدم تجاوزها فيجب الغسل بمسّه ، وهو ممّا لا يقول به أحد من أصحابنا.
نعم ، ذهب أبو علي إلى التفصيل بين تجاوز السنة وعدمه (١) ، إلاّ أنّه في القطعة المُبانة دون العظم المجرّد ، وإن كان ما فعله غير ظاهر الدليل أيضاً ، اللهمّ إلاّ أن نتأول في الرواية بما ذكره صاحب الوسائل (٢) قدسسره من أنّ العظم قبل السنة لا يخلو عن اللّحم ، وأمّا بعد تجاوز السنة عليه فيتناثر لحمه ويبقى مجرّداً ، ومن هنا لم يجب الغسل بمسّه بعد تجاوزها.
وفيه أوّلاً : أنّه لا ملازمة بين تجاوز السنة وتناثر اللحم أو قبل تجاوزها وعدم تناثره ، لأنّ العظم قد يذهب لحمه بعد يومين أو شهر ، لأكل السبع أو رطوبة المكان والعظم ، وقد يبقى بعد السنة أيضاً.
وثانياً : أنّ الرواية على هذا التقدير من أدلّة وجوب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي ، ولا تدل على وجوب الغسل بمسّ العظم المجرد.
وعلى الجملة : الرواية ضعيفة وغير قابلة للاستدلال بها في المقام ولا في مسّ القطعة المبانة.
فقد تلخّص أنّ القطعة المبانة من الميِّت كالمبانة من الحي في عدم وجوب الغسل بمسّها ، بل المبانة من الميِّت أسوأ حالاً من المبانة من الحي ، لأنّ الغسل بمس المبانة من الحي قد نص عليه في بعض الروايات ، بخلاف القطعة المبانة من الميِّت.
اللهمّ إلاّ أن يتشبّث بالأولوية في المبانة من الميِّت ، أو يقال باستفادة حكم المبانة من الميِّت من نفس النص الوارد في الحي ، وذلك للتعليل الوارد في المرسلة « إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة » (٣) ، لأنّها ظاهرة في أنّ الحكم المذكور بعده مترتب على كونها ميتة ، وهذا متحقق في المبان من الميِّت أيضاً ، ولكن ضعف الرواية مانع عن
__________________
(١) نقله عنه في الجواهر ٥ : ٣٤٠ / في غسل المسّ.
(٢) الوسائل ٣ : ٢٩٥ / أبواب غسل المسّ ب ٢.
(٣) الوسائل ٣ : ٢٩٤ / أبواب غسل المسّ ب ٢ ح ١.