لو كان مستنداً إلى سائر أسبابه لم يجب عند كل صلاة ، بل يكفيها الوضوء مرة واحدة في جميع صلواتها ما دامت لم تنقضه ، فمن ذلك يظهر أن موجب الوضوء في حقها ليس هو سائر الأسباب ، وإنما الموجب هو الاستحاضة وأنها حدث موجب للوضوء عند كل صلاة.
ومن جملة الأخبار الدالة على ما ذكرناه صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة « إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة ، فإن خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل ، وإن لم تر شيئاً فلتغتسل ، وإن رأت بعد ذلك فلتتوضأ ولتصل » (١).
وقد قدمنا اختلاف النسخ فيها وأن بعضها مشتمل على كلمة « الصفرة » بعد قوله « بعد ذلك » ، وعلى كل حال تدل على أن وجوب الوضوء متفرع على رؤية الدم أو الصفرة لا أنه مستند إلى أسباب الوضوء.
ومنها غير ذلك من الروايات ، هذا.
وقد يستدل في المقام بما عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام « قال سألته عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال : تستظهر بيوم أو يومين ، ثم هي مستحاضة فلتغتسل وتستوثق من نفسها وتصلِّي كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ ( يثقب ) الدم ، فإذا نفذ اغتسلت وصلّت » (٢).
ودلالة الرواية على المدعى ظاهرة إلاّ أنها ضعيفة السند ، لاشتمالها على محمد بن خالد الأشعري الذي لم يوثق في الرجال ، فلا يمكن الاستدلال بها في المقام وإن وصفت بالموثقة في كلام شيخنا الهمداني (٣) قدسسره وغيره (٤) ، هذا.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٠٨ / أبواب الحيض ب ١٧ ح ١. وتقدّمت في ص ١٢.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٧٥ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٩.
(٣) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٣١٧ السطر ٢٨.
(٤) كالسيد الحكيم في المستمسك ٣ : ٣٨٤.