كونها واجبة شرعاً ، لأنّه مستلزم للتسلسل ، فلا بدّ من منع كون تلك الطاعة أي إطاعة الأمر بالطاعة واجبة شرعاً دفعاً للمحذور ، دون حمل الأمر الأوّل بالطاعة على الإرشاد ، لأن حمله على المولوية ممّا لا محذور فيه.
وعليه فيحمل الأمر الأوّل بالطاعة على الوجوب الشرعي والمولوية عملاً بظاهره بخلاف الأمر الثاني والثالث فإنّه إرشادي حتّى لا يلزم التسلسل. ولا ملازمة بين كون الأمر بالطاعة مولوياً وبين كون طاعة ذلك الأمر أيضاً واجبة شرعاً ويكون الأمر بها مولوياً ، وبهذا تنقطع السلسلة فلا يلزم من كون الأمر الأوّل بالطاعة مولوياً أيّ محذور.
وكذلك نلتزم في المقام بأنّ الأمر بالتوبة مولوي وأنّها واجبة بالوجوب الشرعي نعم لا تكون التوبة من ترك التوبة واجبة شرعاً وإنّما الأمر بها إرشادي.
بل الوجه في حمل الأمر بالطاعة على الإرشاد : أنّ الأمر بها لا يترتب عليه أثر وذلك لأنّ الطاعة منتزعة عن إتيان الواجبات وترك المحرمات وليس للطاعة محقق غيرهما ، والعقل مستقل باستحقاق العقاب على ترك الواجب وإتيان المحرم وإن لم يكن هناك أمر بالطاعة أصلاً ، فالأثر وهو استحقاق العقاب ثابت في مرتبة سابقة على الأمر بالطاعة ، فإذن لا أثر له في نفسه فلا مناص من أن يكون إرشاداً إلى ما استقل به العقل قبله.
ومن الظاهر أن ذلك لا يأتي في التوبة ، لأنّها أمر مستقل غير الإتيان بالواجبات وترك المحرمات أو عصيانهما ، وللأمر بها أثر وهو استحقاق العقاب بمخالفته وتركه التوبة بحيث لو ترك الواجب وترك التوبة عنه عوقب عقوبتين فتكون التوبة واجبة شرعاً ولا محذور فيه ، فالتوبة مأمور بها بالأمر المولوي ومتصفة بالوجوب شرعاً كما أنّها واجبة عقلاً ، ولا مانع من أن يكون شيء واحد واجباً عقلاً وشرعاً كالظلم فإنّه قبيح عقلاً ومحرم شرعاً ، وكما في ردّ الأمانة إلى أهلها فهو واجب عقلاً لأن تركه ظلم وواجب شرعاً ، وهكذا.
ثمّ إنّه لا فرق فيما ذكرناه بين التوبة عن المعصية الكبيرة والتوبة عن الصغيرة ، لأنّ المدار في وجوبها على المخالفة والخروج عن زي العبودية ووظيفته ، وهو متحقق في كليهما. نعم ، لا بدّ من الالتزام بعدم كون ترك التوبة في الصغائر معصية كبيرة ، وذلك لبعد أن تكون المعصية صغيرة ويكون ترك التوبة عنها كبيرة.