بالبقاء عنده الّتي علم من حال مالكها أو احتمل عدم رضاه بايداعها عند شخص آخر ، وفي هذه الصورة يجوز له إبقاؤها عنده ما دام حياً ، وإذا ظهرت أمارات الموت أو احتمله في نفسه وجب أن يردها إلى مالكها بالمباشرة ، للأمر بذلك في قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) (١) ولا يجوز فيها الإيصاء أي ردّها بالتسبيب ، لفرض عدم رضى مالكها بالإيداع عند غيره فيتعين ردّها بالمباشرة ، لأنّه تكليف فعلي منجز لا بدّ من إحراز الخروج عن عهدته ولا يكون ذلك إلاّ بردّها حال الحياة.
وثالثة : لا يكون المال واجب الرد فوراً ولا من قبيل الودائع الّتي لا يرضى مالكها بايداعها عند شخص آخر كاللقطة ومجهول المالك والودائع الّتي يرضى مالكها بايداعها عند شخص آخر ، وفي هذه الصورة لا بدّ للمكلّف من أحد أمرين : إمّا أن يوصلها بنفسه إلى مالكها ، أو يوصي بها بالإشهاد والاستحكام حتّى تصل إلى مالكها بعد موته ، أو يودعه عند من يثق به أو يدفعه للحاكم الشرعي ، ولا يتعيّن عليه أداؤها بنفسه لعدم وجوبه عليه على الفرض.
والدليل على وجوب الرد والإيصاء في تلك الموارد هو : أن وجوب ردّ المال إلى مالكه والودائع إلى أهلها حكم فعلي منجّز في حقّه ، ولا بدّ له من الخروج عن عهدة هذا التكليف المنجّز ، وهو لا يتحقق إلاّ بإيصالها بنفسه إلى مالكها كما في بعض الصور وبالأعم منه ومن الإيصاء كما في بعض الموارد الأُخرى.
وقد ظهر ممّا ذكرناه أنّ الحكم غير مختص بما إذا ظهرت له أمارات الموت كما هو صريح كلام الماتن قدسسره بل الرد الواجب فعلي في بعض الصور ولو كان قاطعاً بالحياة ، وبمجرّد الشك في الموت في بعض الصور الأُخرى وإن لم تظهر له أمارات الموت ، وذلك لأنّ التكليف المنجّز الفعلي لا بدّ من إحراز الخروج عن عهدته ولا يمكن إحرازه إلاّ بالرد أو الإيصاء.
__________________
(١) النِّساء ٤ : ٥٨.