ومنها : صحيحة سليمان بن خالد : « سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إذا مات لأحدكم ميت فسجّوه تجاه القبلة وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة ... » الحديث (١) لأنّ المراد بالميت فيها الميِّت المشرف على الموت ، إذ الميِّت لا يموت ، ومعه تدلّنا الرواية على لزوم توجيه المحتضر نحو القبلة.
وفيه : أنّ المراد بالميت فيها هو الذات الّتي يطرأ عليها الموت بعد ذلك كالقتيل في قوله : من قتل قتيلاً ، وذلك لأنّه وإن كان خلاف الظاهر من الميِّت لظهوره في تلبسه بالمبدإ فعلاً إلاّ أنّه لقيام القرينة عليه ، لأنّ الميِّت كما أنّه لا يموت كذلك لا يشرف على الموت. وعليه فتدل الموثقة على أنّ الذات الّتي يطرأ عليها الموت إذا ماتت توجّه نحو القبلة لا قبل موته. والّذي يدلّنا على ذلك قوله « فسجوه » فان التسجية بمعنى التغطية ومعنى « فسجوه » أي : فغطوه ، ومن الظاهر أنّ الميِّت إنّما يغطى وجهه بعد الموت لا حال الاحتضار.
ومنها : وهو العمدة ما رواه الصدوق مرسلاً تارة ومسنداً اخرى كما في الوسائل عن الصادق عليهالسلام « أنّه سئل عن توجيه الميِّت فقال : استقبل بباطن قدميه القبلة. قال : وقال أمير المؤمنين عليهالسلام دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على رجل من ولد عبد المطلب وهو في السوق وقد وجّه إلى غير القبلة فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : وجّهوه إلى القبلة فإنّكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة وأقبل الله ( عزّ وجلّ ) عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتّى يقبض » (٢).
وفيه : أن ما رواه عن الصادق عليهالسلام ناظر إلى كيفية التوجيه والاستقبال حيث سئل فيه عن التوجيه لا عن حكمه من الوجوب أو الاستحباب فلا تعرض لها لشيء من ذلك ، وإنّما تدل على أنّ التوجيه لا بدّ أن يكون باستقبال باطن القدمين نحو القبلة على خلاف ما التزم به العامة ، وهذا من مختصات مذهبنا.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٤٥٢ / أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٢.
(٢) الوسائل ٢ : ٤٥٣ / أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٥ ، ٦. الفقيه ١ : ٧٩ / ٣٥٢.