بعد الموت الّتي منها توجيه الميِّت نحو القبلة ، واجبة كفاية والتكليف مشترك بين الجميع في عرض واحد ، أو أنّ التكليف بها متوجّه إلى الولي وهو المكلّف بها ، وعلى تقدير امتناعه عنها أو إذنه للغير تجب على غيره فالتكليف بها للغير طولي؟
المعروف هو الأوّل ، وذهب صاحب الحدائق قدسسره إلى الثاني حيث ذهب إلى إنكار الوجوب الكفائي في تلك الأُمور ، وادعى أنّ التكليف متوجّه إلى الولي وإذا امتنع جاز لغيره (١).
والصحيح أنّ الوجوب الكفائي غير قابل للإنكار ، وذلك لإطلاقات الأخبار وللقطع الخارجي بأن تلك التكاليف إذا أتى بها أحد في الخارج سقطت وارتفعت عن الجميع ، ومن هذا يستكشف أنّ التكليف كان مشتركاً بين الجميع على نحو الكفاية ولذا سقطت بامتثال أحد وقيامه بها.
وأمّا ما عن شيخنا الأنصاري قدسسره من أن سقوط التكليف بفعل أحدهم لا يدل على كونه مكلّفاً به كفائياً ، لوضوح اشتراك التكليف بين الجميع وأنّه يسقط بدفن المجنون أو الصغير وتوجيهه الميِّت نحو القبلة أو بالزلزال أو بغيرهما من الأُمور الّتي لا فاعل اختياري فيها ، مع أنّ المجنون ونحوه غير مكلّفين ، والمجنون والصغير لا معنى لاشتراكهما في التكليف ، فسقوط التكاليف المذكورة بفعل أحدهم أعم من كون التكليف كفائياً ، وإنّما هو لانتفاء موضوعها (٢).
مندفع بأن سقوط التكليف بفعل واحد إمّا أن يكون مع سقوط الغرض الداعي إلى الأمر والتكليف ، وإمّا أن يكون مع بقاء الغرض.
فان كان الغرض باقياً استحال سقوط التكليف بفعل أحد ، لأن ما أوجد التكليف وأحدثه وهو الغرض موجود بعينه وهو يقتضي بقاءه وعدم ارتفاعه ما لم يحصل.
وإذا كان كان الغرض ساقطاً بفعل واحد منهم فيستكشف بذلك أنّ العلّة الباعثة
__________________
(١) الحدائق ٣ : ٣٥٩ / باب الاحتضار.
(٢) كتاب الطّهارة : ٢٧٥ السطر ٧ / في غسل الأموات.