ومع ذلك لا بدّ من الالتزام بما ذكروه في المقام ، لأنّ المسألة متسالم عليها بينهم ولم ينقل فيها خلاف ، وإنّما خلافهم في أنّ الأولوية واجبة أو مستحبة ، والسيرة العملية أيضاً جارية على ذلك بين المتشرعة.
بل السيرة العقلائية أيضاً كذلك ، لأنّها جرت على عدم مزاحمة الولي ومن له الأمر في الصلاة على الميِّت وتغسيله وتكفينه ودفنه.
والقدر المتيقن من التسالم والسيرة ثبوت الولاية في ذلك على من يتصدّى لتلك الأُمور وله الزعامة فيها عرفاً وهو المعزّى والمسلى والمرجع فيها لدى العرف ، فالسيرة جرت على عدم جواز مزاحمته في تلك الأُمور وأنّه غصب لحقّه.
وعليه فلا ولاية للنِّساء والصبي والمجنون ، إذ لم تجر العادة على تصدي النِّساء لتلك الأُمور وزعامتها ، والصبي والمجنون لا زعامة لهما ليتصديا لها.
مَن له الولاية قد لا يكون هو الوارث
ومن هنا يظهر أن مَن له الولاية قد لا يكون هو الوارث ، والوارث لا تثبت له الولاية أصلاً ، كما إذا كان له بنت أو أُم وأخ فانّ الأخ لا يرث الميِّت مع وجود الطبقة الاولى أعني الأولاد والأبوين ومع ذلك الولاية إنّما هي للأخ بحسب السيرة وهو المعزّى والمتصدي لتلك الأُمور لدى العرف.
ولعله لذلك ذهب بعضهم إلى أنّ الوارث إذا كان أباً وابناً فالولاية للأب وإن كانا مشتركين في الإرث وفي مرتبة واحدة ، وذلك لأنّ الزعامة والمرجعية في ذلك هي للأب دون الابن.
وكذلك الحال فيما إذا كان الوارث منحصراً بالجد والأخ ، فانّ الولاية حينئذ للجد وإن كان هو والأخ في مرتبة واحدة في الإرث ، وذلك لأنّ الزعامة إلى الجد لا إلى الأخ ، فليس المدار في الولاية هو الإرث.