التصرّف في تلك الأُمور أمر لا بدّ منه إذ لولاه لتلف مال الصغير وغيره أو لتلفت نفس الصغير ، لأنّه لو لم يبع داره مثلاً ويعالج الصغير أو المجنون لتلف ومات ، أو لتلف مال الإمام عليهالسلام كما إذا دفن أو القي في البحر أو أوصى به أحد لآخر فنعلم في مثل ذلك جواز التصرف في تلك الأُمور شرعاً ، إلاّ أنّ القدر المتيقن من جوازه أن يكون التصرف بإذن الحاكم الشرعي أو يكون هو المتصدي ، لاحتمال دخالة إذنه في جواز تلك التصرفات كبيع مال اليتيم أو صرف مال الإمام عليهالسلام في موارد العلم برضى الإمام عليهالسلام به ، وفي تلك الأُمور لا بدّ من الاستئذان من الحاكم الشرعي ، لأنّه القدر المتيقن من جواز التصرف في تلك الموارد حينئذ.
وقد يكون التصرف في الأُمور الحسبية جائزاً في نفسه ، وفي مثله لا حاجة إلى إذن الحاكم أو غيره ، ومنها الصلاة على الميِّت وتغسيله وتكفينه ودفنه ، وذلك لأن مقتضى إطلاق أدلّة وجوبها أنّها أُمور واجبة على كل واحد من المكلّفين أذن فيها الحاكم أم لم يأذن فيها ومع إطلاق أدلّتها لا حاجة إلى إذن الحاكم.
وعلى تقدير عدم كونها مطلقة فمقتضى البراءة عدم اشتراطها بالاذن ، وذلك للعلم بتوجه التكليف بتلك الأُمور إلى المكلّفين ، ويشك في أنّها مقيّدة بقيد وهو إذن الحاكم ويعتبر فيها الاستئذان من الحاكم ، أو أن وجوبها غير مقيّد بذلك ، والأصل البراءة عن هذا الاشتراط والقيد.
فتحصل : أنّه لا دليل على ثبوت الولاية للحاكم فضلاً عن عدول المؤمنين ، بل يجوز التصدي لتلك الأُمور من غير حاجة إلى الاستئذان من الحاكم الشرعي.
فذلكة الكلام
والمتحصل ممّا ذكرناه في المقام : أن مقتضى السيرة بل الأخبار أيضاً مع الغض عن سندها هو ثبوت الولاية لمن يتصدّى لأُمور الميِّت وله الزعامة والمرجعية فيها عرفاً وهو الّذي يعزى ويسلى دون غيره فلا يجوز مزاحمته في تلك الأُمور ، وعلى ذلك تختص الولاية بالرجال ولا حظّ فيها للنِّساء.